توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مكتب تنسيق الجنة

  مصر اليوم -

مكتب تنسيق الجنة

بقلم: خالد منتصر

تذكرت مكتب التنسيق وأنا أشاهد السلفيين يقررون إخراج د. مجدى يعقوب من الجنة وجرجرته إلى النار، الثقة التى يتحدثون بها جعلتنى أتشكك فى أن لديهم مكتب تنسيق خاصاً ونتيجة معتمدة يعرفونها من الكونترول قبل باقى البشر، حيث يحتكرون توكيل قطع غيار الفردوس حصرياً!، تذكرت قبل عصر الكمبيوتر حين كنا نقف فى هجير الشمس على أبواب مكتب التنسيق نلصق طوابع الكليات وكوبونات الجامعات، ونظل أسبوعاً نضرب أخماساً فى أسداس منتظرين خطاب التنسيق الذى سيخبرنا أين ذهبنا، وأى الكليات قد قبلت أوراقنا، أظن أن المشايخ والدعاة قد افتتحوا مكتب تنسيقهم الاسبشيال الحصرى الذى يوزع البشر على الجنة والنار، لكن الفرق أن مكتب تنسيقنا الأرضى من الممكن الطعن فيه والتحويل من كلية إلى كلية طبقاً للتوزيع الجغرافى، لكن مكتب التنسيق السماوى الذى يمتلكه مشايخ السلفية لا طعن فيه ولا احترام فيه للتوزيع الجغرافى أو التنوع المذهبى!، شيخ وداعية شهير بعضلاته المفتولة وبأنه الفتى المدلل للمؤسسة التى تصرف ١٦ ملياراً لتخرج لنا استنساخات هذا الشيخ من محتكرى الجنة ومالكى مفاتيح وكوالين الفردوس، ومعه ابن داعية سلفى شهير اشتُهر بأنه أعلم أهل الأرض بعلم الحديث وشارك فى افتتاح ماسورة الاعتذارات الشهيرة التى فُتحت علينا منذ عدة أسابيع، وداعية هارب فى تركيا، وآخر شارك فى قتل ضباط وجنود مديرية أمن أسيوط فى أعقاب حادث اغتيال السادات، كل هؤلاء أعلنوا بعد تكريم قديس الطب د. مجدى يعقوب فى دبى أنه برغم كل هذا لن يدخل الجنة، وشكك البعض منهم فى قدراته الطبية واتهموه بأن اليهود هم الذين يجرون لمرضاه الجراحة، وبأنه يزرع صمامات الخنازير فى قلوبهم المؤمنة، وقد اعتمدوا جميعاً فى عملية طرده من الجنة على تفسير الشيخ الشعراوى فى إحدى حلقاته الشهيرة بأن من أسدوا إلى البشرية عطاءات واكتشافات واختراعات علمية عظيمة قد أخذوا حظهم من التكريم فى الدنيا وأقيمت لهم التماثيل، لكن لأنهم غير مسلمين فلن يأخذوا هذا الحظ فى الآخرة لأنهم كانوا يعملون من أجل الدنيا، ونيتهم وغرضهم كان الأرض لا السماء، بورصة البزنس الدينى تعتمد فى حركة صعودها وهبوطها على مدى نجاح سماسرة الدين فى ترويج أسهم الجنة والنار، لذلك يقاتلون بشراسة فى هذه الحلبة، لكن لماذا تفجرت أزمة الجنة والنار مع د. مجدى يعقوب بالذات؟، الإجابة بسيطة، لأن «يعقوب» وضعهم فى مأزق إنسانى ووجودى ودينى، وضع كل العواطلية ومدمنى البطالة فى ركن الحلبة الضيق، عرّاهم وفضحهم، فهو السير مجدى يعقوب الذى يعيش فى أجمل بقاع الدنيا، والذى ربح كل شىء؛ المال والشهرة والمكانة والسمعة، والعادى والطبيعى والمتوقع أن يقضى الباقى من حياته يتمتع بهذا النعيم، لكن هذا القديس وذلك الملاك جاء إلى أقصى الصعيد فى وطنه الذى هاجر منه منذ ستين عاماً وفى ظروف قهرية كلنا نعلمها وكان من المفروض أن تجعله تلك الظروف ناقماً منتقماً، جاء ليعالج ويطبطب على قلوب الغلابة، دون أن يسأل عن ديانة مريض أو جنسه أو عرقه أو سلطته، هبط بقوة وثبات ولخبط كل غزل شبكة السماسرة الجهنمية الذين يبيعون مخدر الوهم والخداع للبسطاء باللحية والجلباب وشقشقات البلاغة والسجع والجناس، أقصى ما يفعلونه هو اللعب فى أصابع أقدامهم أثناء نومهم فى الظل قتلاً للوقت، بينما مجدى يعقوب فى غرفة الجراحة يزرع شريان حياة أو يرتق صمام قلب منهك أو يزرع نبضاً كان قد فتر وغاب، بينما صاحبه على شفا الموت يقاتل من أجل شهيق يمنحه الأمل، بدأ البسطاء يتساءلون: «معقول هذا الملاك يدخل جهنم؟»، بدأوا يطرحون أسئلة وجودية وفلسفية أكثر جذرية عن معنى العدل الإلهى الذى يحسونه بالفطرة رغم حواجز وركام الفتاوى والعنعنات، باختصار مجدى يعقوب كان مبعوث العناية الإلهية لإغلاق بوتيكات التجارة الدينية السلفية، وهذا هو سبب الكراهية له والحقد عليه، شكراً لمجدى يعقوب أن سمح لنا بأن نشاركه جنته على الأرض.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مكتب تنسيق الجنة مكتب تنسيق الجنة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon