بقلم: خالد منتصر
«التراث ده كان السبب فى نهضة العرب، حتى إن أقدامهم كانت واحدة فى الصين، والأخرى فى الأندلس بفضل الفتوحات الإسلامية».
هذا اقتباس من كلمة فضيلة الإمام شيخ الأزهر فى مؤتمر التجديد رداً على د. محمد الخشت، رئيس جامعة القاهرة، والحقيقة أننى لا أريد للمسلم المصرى أن تكون قدمه اليمنى فى الصين ولا اليسرى فى الأندلس، أريد أن تكون قدمه ويكون عقله وقلبه موجوداً ومتجذراً فى وطنه مصر، وأقول لشيخ الأزهر إن قوة التراث لم تكن سبباً فيما تسميه فضيلتك فتحاً، بل كان السبب هو قوة السيف والحروب العسكرية، ومثلما قلت فضيلتك إن الصليبيين كانوا يرفعون الإنجيل بيد، وفى اليد الأخرى السيف، فإننا أيضاً فعلنا نفس الشىء، لكن الفرق بيننا وبينهم هو أنهم قد اعتذروا عن هذا التاريخ الأسود، ونحن لم نعتذر بعد، وما زلنا نصف ما فعلناه من غزو واستعمار فتحاً مباركاً، اسم دلع وتدليل نخفف به من وطأة الوصف الصحيح، كما فعلنا من قبل مع الهزيمة التى صارت نكسة، والكوليرا التى صارت مرض الصيف، فضيلتك قدمت لنا وصفاً لهذا الفتح التراثى الجميل، حتى اعتقدت أننا كنا نغزو وفى اليد اليمنى زهرة وفى الأخرى الجيتار!!، أذكّر فضيلتك بمثال بسيط واحد يوضح لك حجم الملائكية التى اتسمت بها تلك الفتوحات، مثلاً الجرائم ضد أمازيغ شمال أفريقيا فى عمليات سبى كبرى وصلت إلى 600 ألف أسير من الرجال وسبايا النساء من البربر المقيدين بالسلاسل على يد هارون بن موسى بن نصير، إذ كانت حصته وحده فى امتلاك الرجال كعبيد والإناث كمِلْك يمين 50 ألف أسير وسبيّة وحده يتصرف بهم كيفما يشاء وحيثما يريد!!، كيف درستها فضيلتك، وما قراءتك لها؟، هل قرأت فضيلتك الرسالة المشهورة لأمير المؤمنين التى جاء فيها: «كتب هشام إلى عامله على أفريقيا.. أما بعد، فإن أمير المؤمنين لما رأى ما كان يبعث به موسى بن نصير إلى عبدالملك بن مروان، أراد مثله منك وعندك من الجوارى البربريات الماليات للأعين الآخذات للقلوب، ما هو معوز لنا بالشام وما ولاه. فتلطف فى الانتقاء، وتوخّ أنيق الجمال، وعظم الأكفال، وسعة الصدور، ولين الأجساد، ورقة الأنامل، وسبوطة العصب، وجدالة الأسوق، وجثول الفروع، ونجالة الأعين، وسهولة الخدود، وصغر الأفواه، وحسن الثغور، وشطاط الأجسام، واعتدال القوام، ورخام الكلام..»، وقال عبدالملك بن مروان: «من أراد أن يتخذ جارية للتلذذ فليتخذها بربرية، ومن أراد أن يتخذها للولد فليتخذها فارسية، ومن أراد أن يتخذها للخدمة فليتخذها رومية»، إنها صورة فقط من الفتوحات التراثية العظيمة، وكأننا نختار معزة فى سوق التلات لا إنسانة لها كيان وروح!!، هذا مجرد مثال على ما نطلق عليه فتوحات وهو لا يحتمل إلا اسماً واحداً فى القانون الدولى يا فضيلة الشيخ، الاسم هو استعمار وغزو.