توقيت القاهرة المحلي 22:01:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف نربح حرب المعلومات؟

  مصر اليوم -

كيف نربح حرب المعلومات

بقلم - عـــلاء ثابت

نشهد تطورات سريعة فى علوم وتقنيات التأثير النفسى على الشعوب وأساليب تأليب الرأى العام وتفجير احتجاجات جماهيرية، وهناك شركات ضخمة تجرى البحوث وتنظم الدورات لشباب من مختلف أنحاء العالم على كيفية إثارة الجماهير واستغلال الأزمات فى إحداث تصدعات بالدول المستهدفة، وهناك قوائم طويلة بهذه الشركات ورعاتها ومموليها واللافتة الجذابة المعلنة هى «نشر الديمقراطية»، لكن الهدف الحقيقى هو إحداث تصدعات وشروخ داخل الدولة المستهدفة تجرها إلى انهيار واسع فى مختلف المؤسسات، ما يفتح الطريق أمام الفوضى وأحيانا تندلع حروب أهلية يأتى بعدها التدخل الدولي.

ومن أهم أدوات التأثير النفسى إطلاق الشائعات والتى أصبحت أكثر الأسلحة النفسية تأثيرا مع التطور التقنى الهائل فى الاتصالات والقنوات الفضائية ومواقع الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى، وهو ما جعل للشائعات أدوات تنقلها إلى أعداد هائلة وبسرعة كبيرة، وحتى تنال الكثير من المصداقية يتم نشرها على عدة مواقع وبأدوات مختلفة بما يوحى أن وجودها ونشرها الواسع يدل على صحتها.

وهناك مراكز ومجموعات مدربة تتولى إنتاج ونشر الشائعات حسب الظروف التى تمر بها الدولة، فالشائعات لها درجات متفاوتة فى الخطورة ويجرى انتقاء الشائعات التى يمكن أن تنال قدرا أكبر من التصديق ولا يهم أن تفشل شائعة أو عشر شائعات أو حتى ألف فماكينة الشائعات سريعة الدوران وتنتج الكثير، والشائعة التى لا تصيب لا تضر، بل إن تكثيف الشائعات وتنوعها يعطى لها فرصة أفضل فى تهيئة المناخ لاستقبال شائعات جديدة، وأهم دور للشائعات هو إضعاف الثقة فى مؤسسات الدولة وإظهارها إما فاشلة أو أنها معادية لمصالح الناس، أو بأنها تعامل الناس بتفرقة وهذا التركيز على التشكيك فى مؤسسات الدولة لا يستهدف إصلاح عيب أو خطأ وإنما هز الثقة فيها، ليكون تدميرها والتخلص منها هو الهدف، وفى حالة وقوع أى أزمة يصبح من السهل تدمير تلك المؤسسات واستهدافها بالأعمال التخريبية لوجود ضغائن تم دسها فى أخبار مفبركة أو شائعات.

وهناك أنواع من الشائعات يمكن أن تختلق أزمة اقتصادية مثل أخبار عن اختفاء بعض السلع من الأسواق فيسرع الناس لشرائها بكميات كبيرة وتخزينها، فيؤدى هذا السلوك إلى اختفاء السلع فعلا وارتفاع أسعارها، وبالتالى تكون الشائعة قد حققت أهدافها، والأمثلة كثيرة فى هذا المجال، ومنها انهيار البورصة أو انخفاض قيمة العملة، وهذا النوع من الأخبار مؤثر للغاية فى سلوك الناس ويحدث تأثيرات كبيرة فى الاقتصاد ويؤدى إلى أزمات حقيقية إذا صدقها الناس.

كلنا سمعنا عن الحركة المسماة «6 إبريل» وشاهدنا ما قاله عدد من أعضائها على قنوات أجنبية عن تدريبهم فى صربيا على أيدى مؤسسة تسمى «كانفاس» وإذا اطلعنا على برامج تدريب هؤلاء الشباب يمكن أن نعرف بسهولة كيف يتم تجنيد شباب تحت شعارات براقة ثم استخدامها فى ضرب بلدهم وليس حل مشاكلها وكيف يختارون الشعارات ويبثون الأخبار الملفقة ويستخدمون وسائل حديثة تساعدهم فيها شركات اتصالات وتواصل اجتماعى عالمية ويدربونهم على مهارات تلفيق الصور وليس الأخبار فقط وكيف يتم تمريرها عبر مواقع التواصل وكأنها معلومات ذات مصداقية وهذه عينة بسيطة من عشرات مراكز التدريب والبحوث والاتصالات الضالعة فى هذه العمليات التى لا تقل خطورة عن الاحتلال.

لم تعد الدول الكبرى تريد استخدام جيوشها فى القتال من أجل احتلال الدول وتتكلف المليارات بل التريليونات فى حروب غير مضمونة النتائج فالاختراق من الداخل أسهل وأقل تكلفة ولا يسقط جنودها قتلى ولا يحتج الرأى العام داخلها فهى تستخدم شباب الدولة المستهدفة لإسقاطها من الداخل وغالبا ما يؤدى السقوط إلى دمار واسع وتخريب فى الوعى والمشاعر.

وحتى نتجنب ذلك النوع من الحروب هناك مسئوليات تقع على المواطنين الواعين الذين عليهم اكتشاف هذه النوعية من الشائعات والأخبار الملفقة أو المبالغ فيها وألا يساعدوا فى نشرها على الأقل، وتتبع مصادرها، لكن أهم الأعباء تقع على الصحف التى قد تسقط فى فخ مثل هذه الأخبار وعندما تجد أن عدة مواقع نشرتها تسارع بنشرها خوفا من أن يضيع عليها نشر خبر مهم فتصبح شريكة فى نشر هذا النوع من الأخبار والشائعات ولهذا عليها أن تخصص عددا من محرريها الأكفاء لمهمة فرز وتتبع مصادر الأخبار المثيرة للريبة والشكوك وأن تتصل بالمؤسسات التى تتناولها تلك الشائعات أو الأخبار وأن تحرص على نشر الحقائق لتكتسب الثقة ولا تتعرض للتشكيك وأن تساعدها الأجهزة التنفيذية فى الدولة بسرعة الإعلان عن المعلومات وألا تتأخر كثيرا، لأن الوقت مهم للغاية وكلما تأخر نشر الحقيقة انتشرت الشائعات، فلا يمكن تجاهل حادث ما أعلنت عنه وكالات أنباء أو صحف أو فضائيات، والاعتقاد بأن عدم النشر والتجاهل أفضل لأن هناك من يستغلون هذا الغياب أو التأخير لينشروا الأكاذيب، وإذا وقع القارئ أو المشاهد فى براثن الأكاذيب فإن تصحيح المفاهيم سيكون أصعب.

إن حروب المعلومات سريعة التقدم فى مضمونها، وأدواتها تفرض علينا أن ندرس تلك الأساليب بعناية وأن نطور فى أدائنا وأن تتكامل جهود المواطنين الواعين مع مؤسساتنا الصحفية والإعلامية وأجهزة ومؤسسات الدولة، وأن نكون أول من يعلن عن الأحداث قبل غيرنا وأن تراعى مؤسساتنا أن تظل دائما مهنية وصادقة حتى تحظى بثقة القراء والمشاهدين، ومن شأن تضافر هذه الجهود أن نتجنب ويلات واحدة من أقسى وأقذر الحروب.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف نربح حرب المعلومات كيف نربح حرب المعلومات



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon