بقلم : عـــلاء ثابت
أيا ما كانت النتيجة النهائية التى ستعلنها الهيئة الوطنية للانتخابات بعد يومين، فالمؤكد أن الشعب المصرى - بالحالة التى بدا عليها خلال الأيام الثلاثة الماضية وإقباله على التصويت فى الانتخابات رغم ما تعرض له من محاولات، إن لم يكن لمؤامرات استهدفت دفعه لمقاطعة تلك الانتخابات - قد أثبت مرة أخرى أن وعيه وإدراكه المخاطر التى تتعرض لها مصر أكبر بكثير مما يعتقد البعض وأقوى من أن تنال منه الدعايات الخبيثة والشائعات التى لا يتوقف عن إطلاقها من سماهم الرئيس عبدالفتاح السيسى «أهل الشر». القضية لم تكن أبدًا انتخاب الرئيس السيسى أو منافسه، بل كانت الانتخابات معركة هدفها التصدى لمحاولة نزع الشرعية الشعبية عن ثورة 30 يونيو وما أفرزته من نتائج، خاصة وصول الرئيس إلى سدة الرئاسة بدعم شعبى غير مسبوق.
الرسالة التى ألقاها الشعب المصرى فى وجه أهل الشر فى الانتخابات الرئاسية ليست الأولى . فقد سبق لهذا الشعب العظيم أن أفشل مخطط نزع الشرعية الشعبية عن الرئيس السيسى، حينما حاول هؤلاء استغلال قراره البدء فى تحرير أسعار الوقود ثم قراره الشجاع بالمضى فى طريق الإصلاح الاقتصادى، خاصة ما يتعلق بتعويم الجنيه المصرى وما استتبعه من ارتفاع فى الأسعار. فقد تعامل الشعب مع كل تلك الإجراءات بإدراك تام لضرورتها ومن ثم تحمل كل تداعياتها. بينما كان رهان أهل الشر على أن تلك الإجراءات ستدفع الشعب بالضرورة للنزول إلى الشارع، فى محاولة لإعادة إنتاج ما حدث فى عامى 1977 و 2011. ومرة أخرى عاد هؤلاء لاستغلال معاناة المصريين لتشويه الانتخابات، مفترضين أن تلك المعاناة ستنعكس فى تراجع نسبة المشاركة فيها، إلا أن المصريين بالخارج والداخل كانوا جاهزين بالرد الحاسم أمام صناديق الانتخابات .
وهنا لابد من التأكيد أولا أن تقييم نسبة المشاركة فى الانتخابات الرئاسية لابد أن يأخذ فى اعتباره غياب المنافسة الحقيقية واقتصارها على مرشحين فقط، مما يؤثر بالضرورة على عملية حشد الناخبين وتحفيزهم باتجاه المشاركة، ومن ثم حرص الرئيس قبل أسبوع من الانتخابات على أن يوجه نداء لكل المصريين بضرورة النزول والمشاركة بكل حرية فى الانتخابات الرئاسية، ليس لانتخابه، ولكن لتوجيه رسالة للعالم كله بأن مصر يحكمها شعبها. وهو وحده القادر على تغيير واختيار من يريد.
وثانيا.. أن الشائعات والادعاءات التى روجها إعلام أهل الشر وميليشياتهم الإلكترونية خلال أيام الانتخابات الثلاثة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك صدمتهم والإحباط الذى أصابهم من مستوى مشاركة المصريين وإصرارهم على تحويل مشهد الانتخابات إلى مشهد احتفالى. الأمر الذى دفعهم إلى محاولة إفراغ المشهد من مغزاه عبر السخرية من احتفالات المصريين، خاصة النساء، رقصا وغناء أمام لجان الانتخابات. كما لجأوا إلى إعادة إنتاج المقولات البالية بشأن عدم مشاركة الشباب فى الانتخابات، والادعاء بأن المشاركة اقتصرت على كبار السن والنساء فقط. وبكل تأكيد فإن التصدى لتلك الادعاءات ما كان ممكنًا لولا أن مشاهد إقبال المصريين على اللجان كانت أقوى من أن يتم تجاهلها، وكانت السلاح الأهم للإعلام المصرى فى مواجهة تلك الادعاءات والشائعات.
أما رهان الرئيس فكان على قدرة الشعب المصرى على مواجهة التحديات وتفهم أبعاد ما يدور حوله. كان الرئيس حريصا دائما فى كل خطاباته وتصريحاته فى الداخل والخارج على تحية الشعب وتقدير ما يتحمله من ضغوط من أجل عبور المرحلة الصعبة. وأكد مرات عديدة أن ما تم فى مصر من إنجازات ما كان ليحدث إلا بوعى وصبر الشعب المصرى العظيم وأن الإجراءات الاقتصادية التى تحملها يصعب على دول كثيرة أن تتحملها، واصفا إياه فى أثناء زيارته سلطنة عمان فى بداية الشهر الماضى بأنه البطل الحقيقى لتلك المرحلة. فتحية للشعب المصرى صاحب المعالى الحقيقى وصاحب المقام الرفيع فى الدفاع عن حاضر ومستقبل مصر والقادر بعفويته على بعث السعادة من رحم كل تحد ومعاناة مهما تكالب وتآمر عليه كارهو الوطن.
نقلاً عن الحياة اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع