توقيت القاهرة المحلي 09:11:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر والسعودية وحديث المستقبل

  مصر اليوم -

مصر والسعودية وحديث المستقبل

بقل- عـــلاء ثابت

 من الحقائق الثابتة، فيما يتصل بالعلاقات المصرية – السعودية، أنها أولا علاقات تاريخية، يرجع تبلورها إلى العصر الفرعونى على نحو ما أكد الدكتور زاهى حواس، وثانيا: أنها علاقات عصية على الانكسار، مهما شابها، خلال مسيرتها الطويلة، من خلافات أو حتى أزمات، إلى الحد الذى دفع بولى عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان لتأكيد تلك الحقيقة بقوله إن العلاقات المصرية - السعودية عصية على الانكسار، حتى لو أراد قادتها أن يفعلوا ذلك، فهى علاقات شعبية قبل أن تكون رسمية، والشعبان المصرى والسعودى هما، فقط، صاحبا الحق فى تقرير مصير تلك العلاقة. وثالثا: فإن العلاقات المصرية - السعودية تمثل ضرورة إستراتيجية ليس فقط للدولتين، ولكن لكل الدول العربية، فهى بكل تأكيد رمانة الميزان للأمن القومى العربي، كما أن طبيعة تلك العلاقة تحدد وترسم، إلى حد بعيد، طبيعة ومستوى العلاقات العربية.

الزيارة الأخيرة للأمير محمد بن سلمان إلى القاهرة، خلال الأسبوع الماضى، جاءت على خلفية تلك الحقائق، والأهم أنها تمثل، فى حد ذاتها، إضافة أو فرض حقيقة جديدة على أجندة الحوار المتصل بالعلاقات المصرية - السعودية. هذه الحقيقة يعبر عنها التوافق المصرى - السعودى بشأن المستقبل، ليس فقط فيما يتعلق بمستقبل العلاقة بين الجانبين، ولكن فيما يتعلق بالأوضاع السياسية، والاقتصادية داخل كل منهما. فمصر تمر بمرحلة إعادة بناء شاملة منذ ثورة 30 يونيو، مستهدفة تحقيق تنمية اقتصادية وسياسية حقيقية بالمعنى، وتعمل على القضاء على كل ما من شأنه عرقلة مسيرتها نحو المستقبل، بالشكل الذى يعيد إلى مصر مكانتها الطبيعية، والمملكة العربية السعودية بدأت هى الأخرى إستراتيجية مماثلة، أطلقها ويتبناها ولى العهد السعودى لتدشين «سعودية جديدة» بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إستراتيجية الدولتين للوصول إلى ذلك الهدف، حملتها وثيقة مشابهة، هى رؤية 2030 لكل من مصر والسعودية تم طرحهما فى توقيت متزامن تقريبا. إذن القوتان العربيتان، الأكبر فى المنطقة، باتتا مهمومتين، على النحو الذى لم يحدث من قبل بالبحث عن مستقبل أفضل لكل منهما، والأهم أصبحتا تعرفان الطريق إلى ذلك المستقبل.

وإذا كانت مصر قد عادت لتمثل بحق، نموذجا يحتذى فى المواءمة بين التعامل مع التحديات المفروضة عليها، وبين تطلعها للتنمية والانطلاق، فإن تبنى السعودية ذلك المسار، فى ظل رؤيتها الجديدة سيدعم، بلا شك، ذلك التوجه ليصبح نهجا عربيا عاما. ومن المؤكد أن اختيار الأمير محمد بن سلمان مصر لتكون وجهته الأولى بصفته ولى عهد المملكة، إنما يحمل دلالات بالغة المعنى، سواء فيما يتعلق بما يمكن أن تقدمه مصر دعما للمملكة فى مسيرتها الجديدة، أو فيما يتعلق باستعداد المملكة لدعم مصر، خاصة فى إطار عملية التنمية من منظور مختلف تماما عما كان سائدا، والذى كان عنوانه العريض «المساعدات». فالدولتان تتحدثان الآن عن مشروعات جبارة للتعاون والاستثمار المتبادل تحقق مصلحة كل منهما. وهنا أتى الحديث عن مشروع «نيوم» العملاق الذى أطلقته المملكة، ويشمل معها كلا من مصر والأردن بقيمة نصف تريليون دولار تقريبا على مساحة 26.500 كم تشارك فيه مصر بنحو ألف كم.

التركيز على المستقبل والإصرار على مواجهة كل التحديات، التى تعرقل عملية الانطلاق، هو الدافع الحقيقى الذى يحرك الدولتين حاليا. فمصر والسعودية يقودان التحالف العربى لمكافحة الإرهاب، بكل ما يمثله من محاولات لعرقلة جهود التنمية، وتلك المكافحة تستهدف جذور الإرهاب والبيئة الحاضنة له، ولا تقتصر، كما قد يتوهم البعض، على مواجهة قطر، التى قال عنها ولى العهد السعودى، إنها أقل من أن ننشغل بها. كما تتبنى الدولتان رؤية مشتركة لضرورة اقتحام المشكلات الداخلية بكل جرأة مهما تكن التكلفة، فالدولتان فى حرب حقيقية أخرى ضد الفساد وضد التيارات الدينية المتشددة. وإذا كان الرئيس عبد الفتاح السيسى يعمل منذ سنوات على تجديد الخطاب الدينى، فإن الأمير محمد بن سلمان يسير أيضا فى الاتجاه نفسه، محاولا تحرير العقل السعودى من أسر أفكار التيارات المتشددة، التى أغلقت المجال أمام الشعب السعودى فى كثير من الأمور، وهو ما يدفع إلى القول بأن ما يحدث فى المملكة يمثل حركة إصلاحية مكتملة الأركان.

باختصار فنحن أمام مرحلة جديدة، ومختلفة تماما فى مسار العلاقات المصرية – السعودية، قوامها لغة جديدة، سياسيا واقتصاديا، تستهدف فى النهاية، كما أكد البيان المشترك الصادر عن قمة السيسى وبن سلمان، بلورة خطة طموح لتطوير منظومة العمل العربى المشترك الذى يراوح مكانه منذ سبعة عقود تقريبا.

 

 

نقلا عن الاهرام القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر والسعودية وحديث المستقبل مصر والسعودية وحديث المستقبل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon