بقلم ــ عـــلاء ثابت
رغم أن كل إنجاز أشار إليه الرئيس عبد الفتاح السيسى فى مؤتمر «حكاية وطن» يمثل فى حد ذاته شهادة نجاح للفترة الرئاسية الأولى، فإن افتتاح مشروع حقل «ظهر» العملاق، الذى يعد أكبر كشف غاز تحقق فى مصر ومنطقة البحر المتوسط يمثل، فى تقديرى، علامة الامتياز الكاملة لتلك الفترة. ذلك أن مشروع حقل «ظهر» لا يمثل فقط نجاحا على المستوى الاقتصادى، ولكنه دليل دامغ على النجاح على المستويين السياسى والأمنى. إذ لم يكن ممكنا أن يتم البدء فى مشروع بهذا الحجم دونما توافر الإرادة والرؤية السياسية لإنجاز مثل ذلك المشروع الضخم رغم التحديات السياسية والأمنية، وكذلك الاقتصادية التى واجهتها مصر خلال السنوات الماضية.
وبما أن رأس المال - كما يقولون - جبان فقد كان من المستحيل أن يتم الاتفاق مع شركة إينى التى تعد واحدة من كبريات الشركات العالمية لكى تدخل مشروعا بهذا الحجم، فضلا عن الاستمرار فيه وتحطيم كل الأرقام القياسية المتعلقة بمدد إنشاء مثل تلك المشروعات العملاقة بينما الأوضاع الأمنية والسياسية غير مستقرة! وفى هذا السياق قال الرئيس السيسى، معقبا على ما تم بشأن حقل ظهر: «قسما بالله إن ما ترونه الآن على أرض الواقع لم يكن ليتحقق أبدا بغير الاستقرار والأمن وثباتكم يا مصريين». ثبات المصريين هنا يعنى فى الحقيقة إيمانهم بأن تحقيق الاستقرار والأمن له الأولوية على ما عداه من ملفات أخرى، باعتبار أنه البوابة الحقيقية لتحقيق أى إنجازات أخرى على صعيد كل المجالات. والأهم من ذلك استعدادهم التام لتحمل تكلفة ذلك الخيار وتكلفة حمايته فى الوقت نفسه. ومن ثم يبدو من المنطقى أن يعلن الرئيس أنه لن يسمح لأحد فى الداخل أو الخارج بأن يعيد الأمور فى مصر إلى ما كانت عليه خلال السنوات الماضية. فمحاولات إعادة حالة عدم الاستقرار السياسى والأمنى تعنى مجددا توقف كل تلك المشروعات، وهدر طاقات الشعب المصرى. وتحدى الرئيس كل من يتوهمون إمكان تحقيق ذلك قائلا: «اللى اتعمل فى مصر من 7 و 8 سنين مش هيتكرر تانى فى مصر».
ومن تابع كلمة الرئيس فى افتتاح حقل «ظهر» بل وكل كلماته وتصريحاته خلال السنوات الماضية سيدرك تماما منبع تلك الثقة التى يتحدى بها الرئيس. والثقة نابعة أولا من ثقته بالشعب المصرى، وأن كل ما يتم يلقى قبولا لديهم يدفعهم للحرص عليه وعدم الإقدام على خطوات يستغلها البعض من المتربصين بمصر لعرقلة مسيرتها، لذلك خاطب الرئيس المصريين بقوله: «محدش يأخذكم فى سكة ويضيع بلدكم وهو مش فاهم حاجة فى الدنيا». وثانيا من الثقة التامة فى قدرة أجهزة الدولة على حماية مقدرات مصر، وأنها لن تسمح مجددا بالعبث بها، وليس كما يحاول المتربصون الإيحاء بأن الرئيس يتعمد إخماد الغضب بالقوة. فالرئيس نفسه، وفى أكثر من مناسبة، أكد بما لا يدع مجالا للشك أنه لو شعر بأن المصريين غير راغبين فى بقائه فسوف يترك موقعه دونما حاجة لتحرك الشارع، حفاظا على أمن واستقرار مصر، وبما لا يسمح بتكرار ما حدث خلال السنوات الماضية. إذن غير المسموح بتكرار حدوثه ليس تعبير المصريين عن غضبهم، ولكن أن يستغل أهل الشر الشارع المصرى لإعادة الفوضى السياسية والأمنية، وما يستتبعهما من مخاطر اقتصادية واجتماعية على المصريين. وقد حرص الرئيس على تأكيد ذلك المعنى مرات عديدة، فبعد عام واحد من توليه السلطة قال الرئيس: «لو عايزينى أمشى هامشى، من غير ماتنزلوا، بشرط أن تكونوا كلكوا عايزين كدا، مش تيجى مجموعة توجه نفس الدعوات فى مناسبة الأعياد التى نحتفل بها، أنا طائع فى ترك السلطة، لأن السلطة بإرادة الله».
باختصار، فإنه إذا كنت قد أطلقت فى الأسبوع الماضى تعبير «أنشودة النصر» على ما عرضه الرئيس من إنجازات فى مؤتمر «حكاية وطن»، وإذا كان حقل غاز ظهر يمثل بحق «أيقونة» الغاز فى البحر المتوسط، فإن ذلك الحقل يظل شهادة دامغة على قصة نجاح مصرى مكتمل الأركان، يحق لكل مصرى أن يفخر ويذود عنه بالغالى والنفيس. والذود عنه لا يكون إلا بالحفاظ على أمن واستقرار مصر اللذين تعهد الرئيس ببذل حياته، ومعه أبطال القوات المسلحة، فداء لهما ولحياة كريمة لكل المصريين.
نقلا عن الاهرام القاهريه