توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أميركا في سورية: تغيير في الاستراتيجيا؟

  مصر اليوم -

أميركا في سورية تغيير في الاستراتيجيا

بقلم - وليد شقير

كان من الطبيعي أن تتمهل واشنطن في الرد العسكري على استخدام نظام بشار الأسد السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية السبت الماضي، لأن عليها أن تحسب جيداً ما بعد أي ضربة في حال تنفيذها، والأسباب لا تحصى.

إدارة دونالد ترامب تأتي إلى العمل العسكري من مكان بعيد، أبرز تعبيراته أن الرئيس المتقلب كان رغب بسحب الألفي جندي من قوات النخبة المتواجدين في شمال شرقي سورية، بحجة انتهاء مهمة القضاء على «داعش»، في ما بدا تناقضاً كاملاً بين هذا التوجه وبين إعطائه الأولوية لإخراج إيران و «حزب الله» من سورية في إطار سياسته الحد من زعزعة طهران الاستقرار الإقليمي، فضلاً عن التناقض بين الانسحاب وبين منطق جنرالات البنتاغون الذين يشددون على أن المهمة لم تنته لأنه وجب العمل على «استقرار المناطق التي اندحر منها «داعش» وتعزيز المكاسب الأميركية»، كما قال قائد القيادة الأميركية الوسطى الجنرال جوزيف فوتيل.

مع ازدحام السفن والغواصات والبوارج الحربية الأميركية (9) والبريطانية (1) والفرنسية (1) والروسية (6)، فضلاً عن الوجود الإسرائيلي، في البحر الأبيض المتوسط في الأيام الماضية، تفرض أي ضربة عسكرية تحديد استراتيجية جديدة غير تلك التي وصفت بـ «اللاخطة هي الخطة». وسواء كان العمل العسكري الذي يمكن أن تقدم عليه واشنطن أكبر من ضربة وأقل من حرب، قد يستمر لأيام عدة، أم يهدف إلى شل قدرات جيش النظام على القصف الجوي كما تسرب من السيناريوات، أم يأخذ بطريقه بعض مواقع النفوذ الإيراني، فإن الاحتياط لما سيكون عليه الرد الروسي سواء كان مباشراً أم بالواسطة عبر الوجود الإيراني، يوجب تصور اليوم التالي، واحتمال توسع مسرح العمليات بحيث يشمل لبنان بين طهران وتل أبيب، كما يرغب في ذلك حكام دمشق.

تأتي واشنطن من مكان بعيد نحو العمل العسكري رداً على استخدام الكيماوي في الغوطة، لأنها تساهلت في السنوات السابقة مع هذا الاستخدام لمرات لا تحصى وثقتها غير جهة محايدة أو سورية في أنحاء مختلفة من بلاد الشام، مع علمها المسبق بأن ما تتهم به موسكو لجهة أنها لم تقم بما عليها للتخلص من الأسلحة الكيماوية السورية، كان معلوماً لديها منذ زمن. الجانب الأميركي، ومعه الغرب، تحول أضحوكة عند الناشطين السوريين، تارة لأنه كان يرى أن استخدام «الكلورين» لا يخرق الخط الأحمر كما «السارين»، وأخرى لأن موت 10 أو أكثر بقليل من المدنيين، بهذا السلاح، لا يتطلب رداً مثلما يفرضه موت العشرات! غياب المعايير أطلق العنان للإجرام الأسدي بلا رادع وسوّغ استمرار الخرق الفاضح للقانون الدولي وتغطية موسكو له.

فتح التساهل الغربي في سورية الباب لاستهزاء موسكو بالشراكة الدولية في سورية وغيرها من الأزمات، مقابل المراهنة الأميركية على فعالية العقوبات الموجعة ضدها، بينما هي مراهنة قد تصلح على المدى الطويل. أظهرت مناقشات مجلس الأمن حول مشروعي القرارين اللذين عرضا عليه مدى الاستهزاء القيصري بالغرب الذي اكتشف فجأة أن الغاز المحرم بات سلاحا روسياً (كما هي الحال في شأن تسميم الجاسوس سكريبال وفي حالات أخرى) لا سورياً فقط. إزاء افتقاد وحدة المعايير الغربية، لم يأبه المندوب الروسي السفير فاسيلي نيبينزيا، بتناقض أقواله: تارة يقول إن لا أثر لاستخدام المواد السامة في الغوطة، وأخرى يتهم مسلحي المعارضة و «الخوذ البيضاء» باستعماله بعد أن دربهم الأميركيون. وليس مجافياً للحقيقة القول إن موسكو اقتبست الخبث الأميركي في التعاطي مع الإجرام الإسرائيلي حيال الفلسطينيين، بالتصرف بمثله حيال إجرام النظام ضد شعبه في سورية. والمثل ينطبق أيضاً على ضرب موسكو رقماً قياسياً بالنسبة إلى استعمالها الفيتو في مجلس الأمن إزاء المشاريع المتعلقة بسورية، وتجاهلها سائر قرارات الحل السياسي فيها...

تكثيف الاتصالات بين العسكريين الروس والأميركيين يندرج أيضاً في إطار تعداد عوامل تأخير الضربة الأميركية. فأي منهما لا يريد المواجهة المباشرة، ويحتاج إلى «تنظيم» الرد الأميركي من جهة، وإلى إبلاغ الحلفاء بالحدود التي يمكن أن يذهب إليها العمل العسكري، إذا كان مطلوباً ضبط العنتريات الإيرانية وتهديدات بنيامين ناتنياهو، فضلاً عن أن التنسيق بين الحلفاء الغربيين يحتاج إلى بعض الوقت.

العنتريات الروسية، وتبجح ترامب عبر «تويتر» قد يخفيان تفاوضاً يجرى على طبيعة الضربة، أو على تنازل ما من موسكو بعد أن استفحل انفرادها بالمسرح السوري على رغم ضعف هذا الاحتمال. وقد يكون اختبار «ذكاء» الأسلحة الروسية قياساً إلى الأميركية، أو العكس، إحدى النتائج.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا في سورية تغيير في الاستراتيجيا أميركا في سورية تغيير في الاستراتيجيا



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon