بقلم - جلال عارف
بعض من يظهرون علي شاشات التليفزيون بوصفهم »خبراء» معتمدين يفهمون في كل شئ ويقدمون الفتاوي في كل القضايا.. يذكرونني بالوصف الذي أطلقه ذات يوم عمنا بيرم التونسي علي بعضهم بأنه »خبير حندوق» يستحق - بعد ذلك - ما قاله فيه شاعر العامية الأعظم في هذا الزمن.
أجهزة الدولة تبذل جهدها للتعامل مع أزمة البطاطس ارتفاع الاسعار لم يقتصر علي البطاطس بل مس كل الخضراوات والفاكهة. لكن البطاطس - كما لا يدرك الخبير الحندوق - تحولت في السنوات الاخيرة إلي عنصر أساسي في طعام الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل كيلو بطاطس وقليل من الطماطم أو الصلصة مع حلة أرز تكفي لإطعام العائلة بأقل تكلفة ممكنة. عندما يتضاعف سعر البطاطس وتختفي الطماطم ومعها الصلصة فإن الأمر يمثل مشكلة والحل لابد أن يكون سريعا وهو ما يحاول الجميع إنجازه.
الخبراء الحقيقيون يحللون أسباب الأزمة ووسائل العلاج يحذرون من أننا نترك المشاكل حتي تتفاقم ثم نبدأ في التعامل معها يؤكدون أن هناك خللا في السياسة الزراعية كلها، وأن الحل لابد أن يكون شاملا أساسيا. ينبهون إلي تدخل مطلوب لسد الفجوة بين الفلاح ومن يمدونه بوسائل الإنتاج من سماد وبذور وغيرها من ناحية، وبينه وبين البائع أو المستهلك دون مرور علي سماسرة ومحتكرين يلهفون الجزء الأكبر من ثمن المحاصيل من ناحية أخري.
أما »الخبير الحندوق» فيخرج علينا باكتشافه أن سبب ارتفاع اسعار البطاطس هو أن الفلوس زادت في يد الناس أو في جيوبهم.
وربما تكون الارقام قد أشارت إلي زيادة في طرح المال في السوق. لكن »الحندوق» يعرف بالطبع أين تذهب الأموال؟ ويدرك أنها لا تتزاحم في طوابير شراء البطاطس بل في شراء القصور واللعب في البورصة أو إقامة المنتجعات الفاخرة بدلا من إقامة المصانع أو الاستثمار في الزراعة والانتاج.
أما البطاطس فترتفع أسعارها بسبب السياسات الزراعية الخاطئة. وأما الشكوي فتأتي من الذين يبحثون عن طعام يومهم ولا تعرف جيوبهم أين انهمرت الفلوس التي يتحدث عنها »الخبير الحندوق»!
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع