بقلم : جلال عارف
كم سيكون جميلا أن تقام احدي فعاليات أسبوع »إحياء الجذور» بين مصر واليونان وقبرص علي شاطئ قناة السويس في »بورسعيد» التي شهدت يوما ما أحد أروع فصول التعاون بين شعوب الدول الثلاث. كان اليونانيون والقبارصة هم الأقرب إلينا بين كل الأجانب المقيمين في المدينة. وبينما كانت مصر تخوض معركة إنهاء أكثر من سبعين سنة من الاحتلال البريطاني، كانت قبرص تخوض معركة مماثلة ووراءها اليونان شعبا وحكومة .
كانت حركة المقاومة القبرصية تقودها منظمة »أيوكا» التي كان يرأسها الجنرال »جريناس» والتي كانت تحظي بمباركة الأسقف مكاريوس الذي أصبح بعد ذلك أول رئيس لقبرص بعد الاستقلال. وكانت العلاقات وثيقة بين حركة المقاومة هناك وبين الحكم في مصر تحت قيادة جمال عبدالناصر. وقد كانت معركة تأميم مصر لقناة السويس اختبارا حقيقيا لمدي صلابة العلاقات بين مصر وبين اليونان وقبرص .
تأخر إعلان قرار التأميم لثلاثة أيام حتي جاء لمصر تقرير منتظر من الجنرال »جريناس» حول وضع القوات البريطانية في الجزيرة. وعندما تم إعلان القرار التاريخي كان اليونانيون والقبارصة يشاركون المصريين فرحتهم ويتجمعون معهم علي شاطئ القناة في بورسعيد ويحتفلون معهم علي أنغام السمسمية .
وعندما واجهت مصر مؤامرة سحب المرشدين الأجانب لتعطيل الملاحة في قناة السويس، رفض اليونانيون والقبارصة الانسحاب، وشاركوا المصريين في الجهد الخرافي الذي تم بذله من أجل افشال المؤامرة. وبادرت حكومة اليونان يومها بارسال عدد اضافي من المرشدين علي وجه السرعة كان وجودهم معنا عونا لنا في ظروف حاسمة، وفي لحظة فرز حقيقية بينت كيف يتصرف الصديق الحقيقي في اللحظات الحاسمة .
اليوم تنفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الثلاث علي قاعدة اقتصادية متينة بعد اكتشافات الغاز في شرق البحر المتوسط. تساندها تلك الجذور الممتدة في عمق التاريخ للعلاقات بين الشعوب، وللتلاقي بين الثقافات، ولصفحات لا تنسي من التعاون المشترك في معارك الحرية والتنمية. مازلنا نذكر منها يوم أن وقفوا معنا علي شاطئ القناة يراقبون السفن وهي تعبر تحت الإدارة المصرية وينشدون معنا: محلاك يا مصري وإنت ع الدفة .
مشهد يستحق أن نتذكره، وأن نحتفي به
نقلا عن الآخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع