بقلم - جلال عارف
فجأة.. اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بقصة »طفل البلكونة» وأمه التي تحاول إدخاله إلي شرفة الشقة عن طريق نافذة الجيران بعد ضياع مفتاح الشقة!!
المحاولة فيها تعريض لحياة الطفل للخطر. وربما كان في الخلفية عند المتابعين قصص مريعة عن الجرائم الأسرية الصارمة التي تضاعفت في الفترة الأخيرة.. ولهذا رأينا الصرخات علي مواقع التواصل الاجتماعي، وعلي شاشات التليفزيون تطالب بمحاكمة الأم، وتجتهد في البحث عن التهم التي ينبغي أن توجه لها، وسنوات السجن التي ينبغي أن تقضيها وراء القضبان!!
وسط هذه »الهوجة» لم يسأل أحد عن الظروف، حتي وقفت الأم أمام النيابة بعد إلقاء القبض عليها، لنجد صورة للمعاناة التي تعيشها أم »عاملة بسيطة في مدرسة» تتحمل العبء الأكبر في الإنفاق علي الأسرة بعد مرض الزوج. وتكدح في عملها ثم في رعاية أربعة أطفال.
وأمام النيابة تقف الأم والطفل والزوج. لا تبدو الأم امرأة تتعمد إيذاء أطفالها. إنه نقص الوعي وضغط الحياة. تتعامل النيابة بعيداً عن قسوة الصرخات علي »الفيسبوك» بالمحكمة والسجن. تستمع النيابة لدموع ندم الأم، ولصرخات الطفل الذي يرفض أن يكون مصير أمه السجن، وأن يكون مصيره الملجأ. يتم الإفراج عن الأم وتعود مع ابنها ليلتم شمل الأسرة.
ستختفي القصة بعد اختفاء الإثارة. ولكن ستبقي اسئلة ينبغي أن نهتم بالاجابة عليها عن جهود مطلوبة للتعامل مع هذا القطاع الواسع من الأسرة المصرية. كيف نساعد مثل هذه الأم علي رعاية ابنائها؟ وكيف نعمل علي زيادة وعيها بمسئولياتها تجاه الأبناء؟
وكيف يذهب العمل الأهلي إلي هؤلاء يقنعهم بأن رعاية الأسرة الصغيرة ستكون أفضل، ويعمل معهم علي تحسين ظروف الحياة بقدر الامكان؟!
كم أتمني أن يجد الزوج الرعاية الصحية التي تمكنه من العودة للعمل. وأن يكون ما حدث درساً لكل أسرة »مهما كانت ظروفها» بأن رعاية الاطفال مسئولية كبيرة. وأن يدرك العمل الأهلي أن مكانه الأساسي هو هنا.. حيث ملايين الأسر التي تحتاج للمساندة، وحيث ملايين الأطفال معلقون في رقاب أمهات كادحات مثل أم »طفل البلكونة» التي كانت النيابة أكثر رحمة بها حين قالت إنها تحتاج للعون وليس للسجن الذي يحول الخطأ الفادح إلي مأساة!!
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع