بقلم : جلال عارف
علي مدي شهور، كنا أمام حملة منظمة تطلب إيقاف إنشاء المصانع الجديدة للأسمنت، وتؤكد أن لدينا فائضا كبيرا في الإنتاج، وأن المصانع القائمة لا تعمل إلا بنصف طاقتها أو أقل!!
وفجأة.. بدأ الإعلان عن زيادات متعاقبة في أسعار الأسمنت وصلت إلي ٣٠٪ خلال بضعة أسابيع. لم يحدث أي تطور في أسعار الطاقة أو النقل أو زيادة في الأجور خلال تلك الفترة، ولا في أسعار المواد الأولية المحلية، وأسعار الدولار انخفضت من باب الاحتياط، والتصدير لا وجود له بسبب عدم القدرة علي المنافسة في الأسواق الخارجية.. ومع ذلك كله ارتفعت الأسعار ليصل الطن إلي ١١٥٠ جنيه!!
لا شيء تغير في المعادلة إلا أن مصنعين في سيناء توقفا مؤقتا عن الإنتاج بسبب ظروف عمليات تطهير المنطقة من بؤر الإرهاب، بالإضافة إلي القرار المفاجئ بوقف إنتاج الشركة القومية للأسمنت بعد إنفاق ١٫٢ مليار جنيه في تطوير مصانعها خلال العامين الماضيين!!
هكذا اختفي علي الفور صراخ لوبي أصحاب مصانع الأسمنت من وفرة المعروض، وتم تعطيش الأسواق، ثم فرضت الأسعار الجديدة بالزيادات الكبيرة، مع موسيقي تصويرية مصاحبة تعزف لحنا هابطا يؤكد أن ذلك تم بدون تنسيق، وبدون اتفاق بين حيتان الأسمنت، وبدون الاقتراب- لا سمح الله- من منطقة الاحتكار الممنوع!!
سبق أن أشدنا بجهود جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار في قضايا عديدة كان آخرها مع شركات توزيع الأدوية التي قضت المحكمة الاقتصادية بمعاقبتها بغرامة مالية كبيرة بسبب ممارسات احتكارية في سوق الدواء.. فهل ننتظر تحركا من الجهاز ومن غيره من أجهزة الرقابة لضبط الأمور قبل أن تنفلت الأوضاع في سوق مواد البناء، وتنعكس بصورة سلبية علي أسعار المساكن وعلي تنفيذ المشروعات الكبري؟!
وهل يمكن أن يظهر مسئول ليشرح للناس كيف تزيد أسعار سلعة أساسية بمقدار ٣٠٪ دون مبررات منطقية؟ ثم.. كيف ننفق أكثر من مليار جنيه لتطوير مصنع ثم نغلقه بالضبة والمفتاح.. وما الذي يجري في عالم الأسمنت بالضبط؟
نقلاً عن الاخبار القاهرية