بقلم - جلال عارف
ينتهز الرئيس الأمريكي ترامب الأزمةالتي تضرب فرنسا، لكي يتغزل في حكمته التي جعلته يصدر قراره بانسحاب أمريكا من اتفاق باريس للحفاظ علي المناخ. ويرسل نصائحه »الغالية» للرئيس الفرنسي بأن يقتفي أثره، وأن ينسحب من الاتفاقية، وأن يوفر تكلفتها ويعيدها للشعب الفرنسي في صورة إعفاءات ضريبية!
لا يدرك ترامب ـ فيما يبدو ـ الآثار السيئة لخروجه من اتفاقية المناخ. ولا يفهم أن الضرائب علي المحروقات قد تكون أحد أسباب الغضب الشعبي في فرنسا. لكن ذلك لا يعني أن شعب فرنسا لا يدرك ضرورة اتخاذ التدابير لمنع كارثة مناخية تهددالعالم بسبب التلوث البيئي. الاعتراض وراءه عوامل كثيرة اجتماعية واقتصادية. والخلاف الأساسي هو علي ضرورة أن يتحمل الأثرياء »وليس محدودو الدخل» العبء الأكبر في الإصلاح.. بما في ذلك ما يتصل بتكلفة تنفيذ اتفاقية المناخ الضرورية لفرنسا.. وللعالم كله.. والمشكلة بين ترامب وماكرون أبعد كثيراً من الخلاف حول اتفاقية المناخ. بعد انتخاب ماكرون، ظن الكثيرون أنه سيكون الحليف الأكبر لترامب. الرجلان جاءا من خارج المؤسسات السياسية، بدعم من مصالح مالية كبري في فرنسا أو في الولايات المتحدة. وترامب كان في حاجة لحليف قوي يقود أوروبا ويشاركه رؤيته بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وخوفاً من تزايد نفوذ المستشارة الألمانية ميركل أقدر زعماء الغرب في السنوات الأخيرة.
لكن الأمور سارت في طريق آخر. ترامب يبني جانباً من سياسته علي ضرب الاتحاد الأوروبي. بينما ماكرون يتمسك بأوروبا الموحدة. ويتحالف مع ميركل لصد موجة اليمين المتطرف ولبناء أوروبا أقوي رغم كل المصاحب.
لن ينسي ترامب ما اعتبره إهانة كبري حين طلب ماكرون من دول أوروبا أن تبني قوتها العسكرية الموحدة والمستقلة لمواجهة المخاطر القادمة من روسيا والصين.. ومن الولايات المتحدة أيضاً!
لم ينصت أحد في فرنسا لكلام »ترامب» عن الأحداث الأخيرة. يعرفون جميعاً أن الأزمة داخلية، وأن الحل في يد الفرقاء الفرنسيين وحدهم. ومع هذا رد وزير خارجية فرنسا علي الرئيس الأمريكي: فلتدع بلادنا وشأنها.
الأجدر بالرئيس الأمريكي أن يدرك أن الأزمة ليست أزمة فرنسا فقط. إنها أزمة نظام عالمي في مرحلة تغيير شامل وحتمي، سيكون تحقيقه أسهل بكثير لو تصرفت أمريكا بوعي وحكمة تفتقدها كثيراً في هذه المرحلة!
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع