بقلم - جلال عارف
.. وينتهي المشوار، ولا يتبقي إلا الوداع والدعاء، وذكريات علي مدي سنين العمر، وحزن يغمر النفس في ساعات الرحيل. انتقل إبراهيم سعده إلي جوار ربه. الفتي الحالم الذي رافقته منذ الدراسة الثانوية ببورسعيد يرحل عن دنيانا بعد عمر في رفقة الصحافة التي عشقها، وبعد طوفان من المعارك التي أنهكته في النهاية.
لم يكن إبراهيم مهيأ للصراع، ومع ذلك فقد خاض في حياته الصحفية صراعات لم تنقطع ولم تهدأ شراستها.
ولم يكن إبراهيم من الذين أرادوا العمل السياسي، لكنه وجد نفسه في قلب أعاصير السياسة العاتية.
ولم يكن إبراهيم مشغولا بتولي المسئوليات الإدارية، لكنه وجد نفسه بعد ذلك مسئولا عن أكبر المؤسسات الصحفية في عالمنا العربي، وقادرا علي أن يحقق فيها الكثير.
مازلت أذكر أول لقاء جمعنا في مدرسة بورسعيد. كان ثالثنا مصطفي شردي. بعد الثانوية العامة سافر إبراهيم لاستكمال دراسته في الخارج. وجئت مع مصطفي ومع جلال سرحان الذي رحل مبكرا، لندرس الصحافة في القاهرة، ولنبدأ رحلة كان مصطفي قد سبقنا فيها إلي العمل.
اختلفت بنا الطرق، لكن ما بيننا ظل قادرا علي مواجهة أي خلاف. تباعدت المسافات في أحيان كثيرة، لكن ما بدأ بين »الأصدقاء» في الثانوي استمر حتي النهاية. معا ذهبنا أنا وإبراهيم لنشيع جثمان مصطفي شردي في بورسعيد قبل سنوات. واليوم أذهب وحدي لوداع إبراهيم. أحمل عمرا من ذكريات وفيضا من مشاعر، وحزنا يلون ساعات الوداع الأليم.
وداعا يا إبراهيم. وداعا لأيام تشاركنا فيها أحلام الصبا والشباب، ولرفقة عمل لم تنقطع، ولأيام قاربت أو باعدت بيننا في دروب الحياة.
وداعا يا إبراهيم. لم يبق إلا الوداع والدعاء بالرحمة والمغفرة.
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع