بقلم : جلال عارف
جميل أن يكون الاحتفال بأعياد الربيع، موسما للموسيقي والغناء. الحفلات عديدة حتي وإن كان معظمها في الفنادق السياحية إلا أن دار »الأوبرا» النشيطة كانت حاضرة، ليكون حفل النجم هاني شاكر متاحا بعد ذلك للجمهور عبر تليفزيون الدولة .
وجميل أن تحتضن مصر نجوما عربا كما تفعل دائما، وكما نتمني أن يظل الأمر مع استعادة النشاط الفني، ومع عودة المسرح، ومع تحقيق ما سمعنا عنه كثيرا بشأن دعم الدولة الضروري للنشاط السينمائي.. وكلها قضايا أظن أن وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم مشغولة بالسعي لوضعها ضمن أولويات الدولة .
جميل أن نغني للحياة ونحتفي بها. ليس هذا إهدارا للوقت ولا تبديدا للجهد، بل هو تجديد للطاقة ودعم لقدرة الإنسان علي مواجهة تحديات الحياة .
في أكثر الأوقات التي تحملنا فيها أعباء البناء وقاتلنا فيها لحماية الوطن، كنا نبدع أرقي الفنون، ونقتحم كل مجالات الإبداع. كان لدينا طه حسين والعقاد والحكيم ثم محفوظ وإدريس في الأدب. وكان لدينا أعظم مسرح في تاريخ مصر، وكنا ننتج أروع ما قدمته السينما العربية، وكانت الحياة تزهو مع غناء أم كلثوم وعبدالوهاب وحليم وفيروز، ومع ألحان العباقرة الذين أسسوا مجد الموسيقي المصرية التي أرسي قواعدها العبقري العظيم سيد درويش .
في الغناء بالذات نحتاج لجهد كبير بعد سنوات صعبة تعرضنا فيها لهوس من حرموا كل شيء جميل في الحياة، وأيضا لفجاجة من هبطوا بالأغنية إلي مستوي »أزقه زقة» أو »بص أمك» أو غيرها من أغاني المستنقعات التي تنتشر عندما يتوقف نهر الإبداع الحقيقي عن العطاء، أو عندما لا يصل الغناء الجميل إلي الناس.. بفعل فاعل لا يريد الخير لهذا الوطن، ولا يريد أن يصل الفرح لمن يحتاجونه، وأن يعود الفن الجميل ليثري حياة الناس، وليجعلهم أكثر عشقا للحياة، وقدرة علي العمل، وإصرارا علي أن ينشدوا الأفضل والأجمل علي الدوام .
في مواجهة الظلاميين قبل سنوات قلنا »لسه الأغاني ممكنة».. عبرنا ذلك الآن. أصبح الغناء الجميل علامة حياة ترفض القبح وتعانق الجمال. نملك كل عناصر الإبداع في الغناء كما في كل الفنون. المطلوب أن نهيئ المناخ وأن يتوفر دعم الدولة للثقافة والفن باعتباره استثمارا له الأولوية.
شكرا لأعياد الربيع. ذكرتنا بأن المغني حياة الروح
نقلاً عن الآخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع