بقلم : جلال عارف
في انتظار التفاصيل، نرجو أن نكون هذه المرة أمام تطوير حقيقي للتعليم في مصر، مشاركة البنك الدولي بخمسمائة مليون دولار ولو علي سبيل القرض دليل علي جدية مشروع التطوير الذي يتكلف ملياري دولار في هذه المرحلة تتحملها الحكومة وهي تعطي للتعليم الأولوية الأولي التي يستحقها .
الحلقة الأولي التمهيدية والخاصة بامتحانات المرحلة الثانوية ستكون هامة لأن نجاحها هو الذي سيجعل المجتمع كله يقف مناصرا للبرنامج الأساسي للتطوير والذي يبدأ مع أطفال الحضانة ليعطي نتائجه الكاملة بعد ١٢ عاما .
الجهد المطلوب سيكون هائلا لاستعادة دور المدرسة وانتظام الدراسة واحتساب الغياب. وهو ما يتطلب أن تكون المدرسة جاذبة للتلاميذ، وأن يكون المدرس حاضرا ومؤهلا، وأن يكون الامتحان مجرد قياس لاستيعاب الطالب وليس تعذيبا له .
بحكم السن.. أنا من جيل رأي شيئا من ذلك وهو يتعلم في مدارس حكومية ومجانية، فيلقي أفضل تعليم، وتتحول المدرسة ــــ في زمن من التقشف علي الجميع ــ إلي متعة حقيقية .
في المرحلة الثانوية كنا نمر باختبارات شهرية، وبامتحانين أساسيين في كل عام، لم تكن هناك دروس خصوصية، بل أساتذة يرعوننا كأبنائهم، حصلت في الثانوية العامة علي أقل من ٨٠٪ وكنت من بين الأوائل علي مستوي الجمهورية .
تغير كل ذلك مع تغير ظروف المجتمع منذ الانفتاح السبهللي الذي تحالف مع التطرف الديني لاستنزاف قوي مصر، وضرب كل شيء جميل فيها. أصبح التعليم الذي كان وسيلة مصر للحاق بالعصر.. هو الكارثة الكبري التي نواجهها. ولم يكن ممكنا أن يبدأ إصلاح حقيقي للتعليم، إلا بعد استعادة الوعي، ومواجهة كل العوامل التي أدت إلي تراجع مصر علي مدي أربعين عاما .
قبل سنوات طويلة كان الراحل العظيم الدكتور حسين كامل بهاء الدين يحدثني عن رؤيته لإصلاح ما تم إفساده في التعليم، بعد أن يكمل المواجهة الشجاعة التي خاضها ضد قوي التطرف. وقلت له يومها ان مشكلته أنه يحتاج لكي يقضي علي العصابات المتربصة والمتربحة من انهيار التعليم إلي أن تكون الدولة كلها معه.. وهو أمر لم يكن متحققا يومها !!
الآن تختلف الأمور. الدولة كلها تؤمن أن إصلاح التعليم هو طريق المستقبل. ننتظر تفاصيل مشروع التطوير، وكلنا أمل في نجاح لا نملك رفاهية التخلي عنه
نقلا عن الآخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع