بقلم - جلال عارف
أسوأ ما يمكن أن تفعله إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، هو أن تعتقد أن »فلسطين» هي »الحيطة المايلة» التي يمكن أن تصدر ما شاءت من قرارات بشأنها ولو خالفت القانون والشرعية، وأن تكون وسيلتها لتسجل مكاسب وهمية تستغلها هذه الإدارة المأزومة للخروج من أزمتها !!
والأكثر إساءة (حتي بالنسبة لأمريكا نفسها) أن يتصور »ترامب» أن فلسطين هي الساحة التي يستطيع من خلالها أن يقدم الهدايا المجانية لأنصاره سواء من اللوبي اليهودي المؤثر داخل أمريكا، أو من المتعصبين من اليمين الإنجيلي الصهيوني المنحاز تماما لإسرائيل لأسباب تتعلق بمعتقداته الدينية، والذي أصبح أكثر صهيونية من غلاة المستوطنين الإسرائيليين !!
قد تغري حالة الانقسام الفلسطيني، وحالة الضعف العربي، بمثل هذا السلوك.. لكن النتيجة لا يمكن أن تكون إلا الفشل الذريع لسياسة حمقاء تحتقر العدالة والشرعية الدولية، وتدوس علي القانون، وتحتكم إلي القوة وحدها، ولا تستوعب دروس التاريخ لتدرك ماذا فعلت غطرسة القوة وحماقة القيادة بامبراطوريات ظنت أنها ستحكم العالم إلي الأبد!!
تدرك إدارة ترامب أنها في كل القرارات التي اتخذتها ضد الفلسطينيين تقف معزولة في مواجهة العالم كله. تقف وحيدة في مجلس الأمن، ولا تجد معها في الجمعية العامة للأمم المتحدة إلا إسرائيل وماكرونيزيا العظمي(!!) .
ومع ذلك تمضي في تنفيذ برنامجها وارتكاب حماقاتها.. من قرار القدس، إلي حصار السلطة الفلسطينية، إلي محاولة إغلاق منظمة »الاونروا»، إلي إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، والإعلان الرسمي بفرض الحماية علي إسرائيل لمنع محاكمتها أمام المحكمة الجنائية الدولية علي جرائمها في حق الشعب الفلسطيني وفي حق الإنسانية .
بالأمس كنت أتابع مستشار ترامب للأمن القومي »بولتون» وهو يهدد بمعاقبة الجنائية الدولية ومحاكمة قضاتها إذا تجرأوا علي اتخاذ الإجراءات علي فتح التحقيق في جرائم حرب ارتكبتها أمريكا.. أو إسرائيل !!
هل يمكن لدولة أن تقود العالم وهي تهدم نظامه وتحتقر قوانينه وتتحدي شرعيتها؟! لا يفعل الأقوياء ذلك، وإنما يفعله الخائفون من الحقيقة.. ومن السقوط !!
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع