بقلم - جلال عارف
ماس كهربائي آخر كما يقال، وحريق كبير يلتهم ثلاثة طوابق من مستشفي الحسين الجامعي. عناية الله جنبتنا كارثة إنسانية وإن كانت الخسائر المادية ستكون كبيرة بالطبع.
لا نريد استباق نتائج التحقيقات، ولكن الملاحظ هنا أن الماس الكهربائي كان سببا في حوادث حريق عديدة، وفي خسائر فادحة في البشر وفي الأموال. وهو ما ينبغي أن يطرح علينا سؤالا ضروريا عن التزامنا بإجراءات السلامة في هذا الصدد.. سواء باستخدام الأدوات السليمة والأصلية، والقيام بالتركيبات الفنية علي أصولها، ثم بالصيانة الدورية والتفتيش الدائم الذي يجنبنا مثل هذه الأحداث أو يقلل منها إلي أدني حد.
الأمر يستدعي تحركا جادا، وسياسة تضمن سلامة الإنشاءات في كل مرافقنا. وحتي داخل بيوتنا. وتوفر الاعتمادات المطلوبة للصيانة ولتدريب الفنيين.. مع إدراك ان كل ما ننفقه في هذا السبيل سيوفر لنا أضعاف أضعافه، وسيضمن لنا أن تكون إجراءات السلامة أمرا لا يجوز التفريط فيه.
هذا الوجه لما حدث، لا ينبغي أن يجعلنا نتجاهل الوجه الآخر المضيء بالإنسانية وتحمل المسئولية من جانب أطباء ظلوا - رغم النيران- يقومون بواجبهم في غرف العمليات لآخر لحظة. ثم يشرفون مع زملائهم من الممرضين والممرضات والمساعدين لاجلاء الحالات ونقل المرضي تحت الرعاية الطبية اللازمة إلي المستشفيات الأخري والاطمئنان علي سلامتهم.
هذا المشهد يذكرنا بأننا دائما نعطي أجمل ما فينا عند الشدائد.. ويؤكد لنا أن الغالبية العظمي من أطبائنا مازالت حريصة علي أداء واجبها بإنسانية هي جوهر مهنة الطب، وبشهامة هي عنوان مصريتنا رغم الظروف الصعبة التي يعانون منها.
مثل كل فئة في المجتمع.. ستجد حالات شاذة تنحرف عن الطريق القويم، وستجد من يسعون للمال ويدوسون علي القيم.. لكنك ستجد عند الكبار الكثيرين من مجدي يعقوب ومحمد غنيم، وستجد عند الشباب عشرات الألوف من الكادحين الذين يؤدون واجبهم، ويتحملون تقصير الإدارات وغضب فقراء المرضي، ثم تجدهم في لحظات الشدة- يقدمون درسا في التضحية والانسانية كما حدث بالأمس في حريق مستشفي الحسين.. حيث كانت الإنسانية موجودة مع الإهمال الذي لابد من وقفة جادة معه!!
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع