بقلم - جلال عارف
إذا كانت الظروف تحتم علينا أن نلجأ لتبني برنامج لتنظيم الأسرة، فلابد أن يتم التعامل مع الأمر بكل جدية، ولابد أن تتحول القضية إلي قضية مجتمع بكامله حتي نضمن النجاح الكامل لهذا البرنامج الضروري.
لقد كانت لنا تجربة سابقة حققنا فيها نتائج معقولة في تنظيم الأسرة، لكن الإهمال الذي ضرب كل شيء بعد ذلك أجهض التجربة لنجد أنفسنا أمام هذا الوضع الذي تعجز فيه إمكانياتنا عن تلبية احتياجات مليون طفل يضافون لتعدادنا في كل عام.. والعدد مرشح للزيادة إذا لم ننجح في تنظيم الأسرة، وإذا تركنا الزيادة في السكان تلتهم ثمار كل جهد يبذل في التنمية والانتاج.
وإذا كانت الدولة قد اختارت أن تبدأ بالأصعب، وأن تطلق الحملة من المحافظات الأكثر خصوبة في جنوب البلاد، والتي هي أيضا الأكثر فقراً والأقل في نسبة التعليم.. فإن التنسيق بين كل مؤسسات الدولة ضروري، والعمل وفق خطة موحدة هو أساس التحرك الناجح. وحشد كل الجهود هو المهمة التي تستلزم أن تكون القضية هي قضية المجتمع كله.
هناك جهد مباشر لوزارات مثل الصحة والتضامن، وهناك مساندة ضرورية من الأوقاف والاعلام. وهناك مؤسسات أهلية تستطيع أن تساعد. لكن المهم أن يعمل الجميع بإيمان كامل بالقضية، وبوعي بأهمية العمل الذي يتم من أجل إنجاز تنمية حقيقية بأسرع وقت، ومن أجل ضمان أن يجد كل طفل يولد علي أرض مصر العناية الواجبة والخدمات الأساسية والمستقبل الأفضل.
ويبقي التحرك الأساسي الذي ينطلق من حقيقة ارتباط زيادة الانجاب بمعدلات الفقر من ناحية، وبنقص التعليم من ناحية أخري. ومن هنا تأتي أهمية الالتفات لتنمية الصعيد بعد طول إهمال. ومضاعفة الجهد لتوفير المدارس والجامعات ولتحديث برامج التعليم التي يتلقاها أبناؤنا.
روشتة النجاح لتنظيم الأسرة أن تتحول الي قضية مجتمع بأكمله يسعي الي التنمية والتقدم، وتتخلص من ثقافة متخلفة أنتجت أطفالاً للبؤس، وأوطانا تعاني لكي تلحق بعصر لا يعرف إلا لغة القوة والعلم والمعرفة.
للأسف الشديد. مازالت بقايا هذه الثقافة المتخلفة موجودة، وما زالت مواجهتها بحسم جزءا أساسيا من معركتنا من أجل أجيال جديدة نتباهي بين الأمم بعلمها وإبداعها وقدرتها علي صنع التقدم في وطنها.
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع