بقلم - جلال عارف
رئيسة وزراء نيوزيلندا »جاسيندا أرديرن» تقدم نموذجا استثنائيا في القيادة التي تتحمل المسئولية وتعرف كيف تدير الأزمة وكيف تنتصر لكل القيم الإنسانية في مواجهة العنصرية والإرهاب والكراهية.
الشابة التي لم تمض في موقعها أكثر من عام ونصف وجدت نفسها في مواجهة أزمة عاصفة لم تعرف بلادها لها مثيلا. »مذبحة المسجدين» فاجأت البلد الهادئ البعيد عن مشاكل الدنيا، والذي اختاره الإرهابي المنحط ليرتكب جريمته وليقول إن يد الإرهاب قادرة علي توجيه الضربات في أبعد مكان في العالم.
رئيسة الوزراء الشابة امتلكت الرؤية الواضحة للتعامل مع هذا الإرهابي العنصري منذ اللحظة الأولي. قالت للجميع إن هذا الإرهاب لا يمثل شعبها. وذهبت إلي أهل الضحايا لتؤكد لهم أنهم جزء من وطن لا يعرف الكراهية والعنصرية ولا يفرق بين مواطنيه بسبب الدين أو العرق أو المذهب.
صدمة المذبحة لم تفقد رئيسة الوزراء الشابة القدرة علي التصرف بكل المسئولية وبكل الإنسانية في وقت واحد. ساعدها بالطبع أن شعب نيوزيلندا اجتمع علي إدانة المذبحة. وعندما خرج عضو برلمان يبرر جريمة الإرهابي المنحط، وقف الجميع ضده وكان هناك أكثر من مليون توقيع تمثل حوالي ربع السكان تطالب بإسقاط عضويته في البرلمان.
قارن هذا السلوك الواعي والمسئول والإنساني عند السيدة »أرديرن» وبين سلوك آخرين مثل الرئيس التركي أردوغان الذي اتخذ من المذبحة مناسبة للدعاية الانتخابية، والذي جعل من خطاب الكراهية الذي كتبه مرتكب المذبحة سبيلا للسير في هذا الطريق المملوء بالعنصرية والكراهية جنبا إلي جنب مع مرتكب المذبحة، ضاربا عرض الحائط بكل القيم الإنسانية وهو يتخذ من المذبحة مبررا لدعوة غير مسئولة لحرب دينية تحقق كل ما أراده تحالف الإرهاب مع العنصرية!!
وقارن ذلك مع سلوك حكام الكراهية.. هناك في الكيان الصهيوني كان نتنياهو يعلن أن بلاده ليست وطنا لكل مواطنيها، بل لليهود فقط. وهناك في الدولة الأعظم كان الرئيس ترامب يرفض إدانة العنصرية البيضاء، ويرفض الاعتراف بأن إرهاب اليمين العنصري المتطرف يتزايد.
في عالم تجتاحه دعوات الكراهية وجرائمها، تبدو السيدة أرديرن رئيسة وزراء نيوزيلندا نموذجا مضيئا وهي تحتضن كل مواطنيها في ظل المواطنة الصادقة التي ترفض التمييز وتحارب العنصرية والإرهاب .
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع