بقلم - جلال عارف
كان دعم إسرائيل علي الدوام جزءا من استراتيجية أمريكا في المنطقة. وكان كل رؤساء أمريكا (جمهوريين أو ديموقراطيين) يترجمون هذا الدعم بصورة أو أخري بالانحياز إلي جانب إسرائيل.. لكن ما يحدث من إدارة »ترامب» الآن شيء آخر !!
بالقرار الأحمق الذي اتخذه الرئيس »ترامب» بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل سفارة بلاده إليها.. يفتح أبواب تصعيد الصراع علي مصراعيها، ويمنح قوي التطرف في المنطقة والعالم أوسع مجالاً لنشر ارهابها.. والأهم أنه - بوعي أو بدون وعي - كان يحيل أمريكا من دولة تقول إنها ترعي عملية السلام إلي »شريك» كامل في كل ما ترتكبه إسرائيل من جرائم !!
والغريب أن يحدث ذلك وسط »زفة كاذبة» عن صفقة مزعومة لصنع السلام في المنطقة، والأغرب أن يكون المبرر هو أن ازاحة ملف القدس من علي طاولة المفاوضات يزيل احدي العقبات من طريق السلام وفقا لهذه الرؤية الحمقاء والمستحيلة !!
الآن .. يمضي ترامب خطوة أخري في هذه السياسة الحمقاء. يعلن وقف مساهمة بلاده في تمويل وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين »الأونروا» التي تساهم في توفير أبسط مستلزمات الحياة لخمسة ملايين فلسطيني في الداخل والخارج من اللاجئين وأبنائهم وعائلاتهم .
والخطورة هنا لا تتعلق بالتمويل الأمريكي الذي يقارب الثلاثمائة مليون دولار، وإنما بالحملة السياسية التي تشنها أمريكا في محاولة مفضوحة لاغلاق ملف اللاجئين وشطب قضية »العودة» وإنهاء عمل منظمة »الأونروا» التي نشأت بقرار دولي من الأمم المتحدة ويريد ترامب الغاءها بنزوة شخصية تكشف بوضوح أن الرجل يتبني سياسة اليمين الصهيوني المتطرف في أمريكا وإسرائيل كاملة.. وربما يظن أن هذا هو السبيل للخروج من أزماته وفضائحه التي تهدد بإسقاطه !!
لسنا فقط أمام محاولة ستفشل حتما لتجويع الفلسطينيين لارغامهم علي قبول ما لا يمكن قبوله .. ولكننا أمام اعلان حرب لا تقتصر آثارها علي الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج فقط، ولكنها تمتد لكل المنطقة، وتشعل نيران غضب لا يدرك ترامب وإدارته مدي خطورتها، ولا الثمن الذي يمكن أن تدفعه المصالح الأمريكية حين تتحول واشنطون إلي شريك كامل في جريمة العصر، وحين يتحول رئيس أمريكا المحاصر بالفضائح إلي مجرد أداة لتنفيذ سياسات اليمين الصهيوني.. وهذا هو الخطر الذي ينبغي أن ننتبه له، وأن يتصدي له العالم قبل أن تقوده الحماقة الأمريكية إلي الكارثة !!
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع