بقلم : جلال عارف
الذين يتحدثون »عمال علي بطال» عما يسمونه »خيانة المثقفين» أو تراجع دورهم وتهافت مواقفهم.. لا ينطقون دائما عن حق .
ما حدث من تراجع في العديد من مجالات الثقافة والفنون كان جزءا من تراجع عام أصاب الحياة المصرية بسبب سياسات خاطئة ورؤي غائبة، وفساد تحالف مع تجار الدين ليقود الوطن الي الاوضاع التي ثارت عليها مصر مرتين في ثلاث سنوات، والتي مازلنا نناضل لمعالجة ميراثها الوبيل .
في وقت كانت الثقافة والإبداع في مصر تنتظر كل الدعم من الدولة لتواصل دورها التنويري، ومعركتها في مقاومة ثقافة المتاجرين بالدين التي كانت تزحف في الداخل، وتلقي الدعم من الخارج.. في هذا الوقت كانت الدولة تتبع سياسة »وعملت نفسي نايمة» وتترك المجال لأنصار التخلف في الداخل، وتسلم مفاتيح التحكم في الإبداع لمن يمولون من الخارج !!
وهكذا كان علي الدراما التليفزيونية (علي سبيل المثال) وهي في أوج ..تألقها ان تواجه موقفا يتسلم فيه صناعها العظام كشف الشروط والمحاذير التي وضعها »الكفيل الفني» لكي يتم شراء ما أبدعوه!! ولم يكن هناك مفر امام المبدعين بعد أن قبلت جهات الانتاج الرسمية عندنا ان يكون القرار فيما تنتجه في أيدي من يريدون حكم الحياة بأفكار القرون الوسطي !!
ولن أنسي أبدا والد الشعراء العظيم فؤاد حداد وهو يخبرني يوما والسعادة تغمره ان التليفزيون المصري (الرسمي طبعا!!) سينتج رائعته »الحضرة الزكية» لتعرض في رمضان وأن من يلحنها هو الموسيقار المبدع محمد الموجي. ثم لا أنسي فؤاد حداد وهو يخبرني بعد فترة ان المشروع قد تم إلغاؤه لان »الكفيل الفني» قد تخلي خوفا من جماعات لن تسمح بعرضه لانها تعتبر »المدائح النبوية» خروجا علي صحيح الدين !!
من الذي خان؟.. المثقفون والمبدعون، أم من تركوا القرار بشأن الابداع في مصر بيد التخلف في الداخل والخارج؟!.. سؤال للمستقبل، وليس للماضي فقط.. ورمضان كريم
نقلًا عن الآهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع