بقلم : جلال عارف
ما أن أطلق علي أمين دعوته للاحتفال بعيد الأم، حتي استجاب الجميع، كان المجتمع في قلب حركة تغيير هائلة، وكانت المرأة في القلب من هذا التغيير. كانت مصر تنهض، وكان بناء الدولة الحديثة هو الهدف بعد أن نالت مصر الاستقلال، وبعد أن تحرر عبيد الأرض بالإصلاح الزراعي، وبعد أن انفتحت أبواب العلم والتعليم أمام الجميع، وكانت القلاع الصناعية ترتفع، وكانت مصر تدخل العصر الحديث بثقة وإرادة صادقة .
كانت المرأة المصرية التي كسرت قيود الجواري في ثورة 19، قد انطلقت لتستكمل كل حقوقها مع ثورة يوليو 52، وكان طبيعياً أن تنال حقوقها السياسية قبل نصف دول أوروبا وأن تدخل البرلمان وتصبح وزيرة قبل ستين عاما. والأهم انها أصبحت شريكة في التغيير، وأن ثقافة الجواري التي فرضت عليها في عصور الانحطاط كانت تتهاوي .
كان ذلك بالطبع قبل أن تداهمنا رياح التخلف في السبعينيات من القرن الماضي، وقبل أن تداهمنا عهود الفساد لتوقف التقدم، وقبل أن تنفتح الأبواب علي جحيم الجهالة وتشويه الدين وخيانة الوطن و.. احتقار المرأة !!
كم هي عظيمة هذه المرأة المصرية التي تحملت كل ذلك، ولم تفقد روحها الحقيقية التي جعلتها تخرج لتشارك في اسقاط الفساد في يناير 2011، ثم لتشارك بعد ذلك في اسقاط فاشية الإخوان في 30 يونيو، ثم لتتحمل العبء الأكبر في السنوات الصعبة.. ومصر تخوض الحرب ضد الإرهاب المنحط، وتخوض -في نفس الوقت- معركة البناء بكل تحدياتها .
تحية لأم شهيد من شهدائنا البواسل. وتحية لكل زوجة وأخت وابنة .
تحية للمرأة المصرية التي تضرب المثل في الصبر علي الشدائد. تحية لمن تختزن الحزن النبيل علي فقد الأحبة لأنهم شهداء في جنات النعيم، لأنهم يفتدون وطناً هو أعز الأوطان.
تحية للمرأة المصرية وهي تتحمل العبء الأكبر في رحلة البناء، وتحافظ علي العائلة في أصعب الظروف. وتحية لها وهي تعاني ميراث سنوات التخلف وثقافة عصور الجواري التي مازالت تنتظر أن تمتد إليها يد الثورة، لتعطي المرأة المصرية كل حقوقها .
كل عام والمرأة المصرية العظيمة بألف خير. العن كل كذوب يقول لك أن تكريم الأم بدعة.. فهو في ضلالة يخاصم الدنيا والدين. أدخل الفرح اليوم علي قلب أمك، فسوف يأتي اليوم الذي تتمني لو كنت قد قبلت التراب الذي سارت عليه .
نقلاً عن الآخبار القاهرية