بقلم - جلال عارف
يبدو أن آثار أمطار»التجمع الخامس» ستبقي معنا طويلاً. لن تنتهي القصة بتغيير قيادات أو بإحالة قيادات أخري للنيابة العامة .
وسيبقي الأمر أكبر من محاكمة أشخاص، لأن المطلوب هو محاكمة أساليب فاسدة قادتنا إلي هذا الواقع الذي لابد من تغييره .
في مداخلة تليفزيونية شرح المهندس حسين صبور بعض جوانب ماحدث من واقع خبرته الهندسية، وبحكم أنه كان أحد المشاركين في مشروع تجديد شبكة الصرف الصحي بالقاهرة. قال المهندس الكبير إن هناك بعض الدول التي تكثر فيها الأمطارتلجأ إلي استخدام ماسورة منفصلة للصرف الصحي وأخري لمياه المطر بالنسبة لنا كان الخيار من سنوات طويلة هو استخدام ماسورة واحدة للغرضين ضغطاً للنفقات من ناحية، ولأن كمية الأمطار القليلة لاتجعل الحاجة شديدة إلي النظام الآخر .
قد تكون الأمطار هذه المرة أكثر غزارة، ولكن هذا بالقطع لايبرر ماحدث. لو أن الفسادكان بعيداً والإهمال لم يكن موجوداً لما كنا أمام هذه الكارثة. لو أن الصيانة كانت تتم علي خير وجه، ولو أن الطلمبات ومولدات الكهرباء ولوحات التحكم في نظام الصرف لم تتعطل، ولو أن المرافق كلها كانت مخططة ومنفذة بلافساد، وتتم إدارتها بتنسيق كامل. لو أن كل ذلك كان موجوداً.. لما كنا أمام كارثة بهذا الحجم. أما في غياب ذلك كله فلن تكون النجاة بماسورة أخري أو بعدة مواسير يسكنها الإهمال ويحكمها ميراث سنوات عدة من فساد تعدي »الركب» بكثير، ليغرق الأعناق ومعها الذمم وأحياء مازالت رهن البناء والتعمير !!
انتظرنا سنوات قبل ذلك حتي وقع الزلزال الشهير، لنكتشف أنه -في غياب العلم والتخطيط السليم- تمت اقامة عدد من المدن الجديدة علي خط الزلازل قريباً من القاهرة، وبدأنا في معالجة الأمر، ووضع الاشتراطات الجديدة التي نرجو أن يكون هناك التزام بها !!
الآن.. ندرك أن التعايش مع الفساد أو التقصير أصبح مستحيلاً، وأنه لا بديل عن الاستئصال الكامل لكل هذا الميراث البغيض.. والآن ندرك أنه لا بديل عن اعتماد العلم أساسا لكل شيء في حياتنا بعد أن رأينا إلي أين تقودنا الفهلوة .
وبالمناسبة.. هل نبدأ في البحث عن اجابة لسؤال يفرض نفسه علينا.. وهو هل ماحدث في التجمع كان استثناء.. أم أن التغيرات في المناخ في العالم كله تشير إلي أن هذا هو »العادي» الذي علينا أن نتعامل معه بعد الآن ؟
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع