بقلم : جلال عارف
كان رمضان الأروع، وكان أيضا هو الأصعب!!
كان الأروع حين جاء يومه العاشر بالنبأ العظيم، وحين عبر جنودنا البواسل قناة السويس واقتحموا خط بارليف، وبدأوا معركة تطهير سيناء من احتلال صهيوني جاء في لحظة عابرة من التاريخ
وكان الأروع وجنودنا البواسل يصنعون المستحيل بالمقاييس التقليدية لتوازنات القوي. وينهون المرحلة الأولي من الحرب بخسائر لا تذكر، ويعطون العالم دروساً في العسكرية مازالت تدرس حتي الآن في أكبر المعاهد الاستراتيجية العسكرية.
وكان الأروع ومصر لا تستعيد الأرض فقط، ولكن تستعيد الثقة والكبرياء، وتقول للعالم: إن الهزيمة كانت مجرد عثرة في الطريق، وأن الشعب العظيم حين رفض هذه الهزيمة في التاسع والعاشر من يونيه كان يعطي الأمر بالثأر، وكان يقدر حجم المهمة ويعرف أنه قادر علي تحمل تكاليف الصمود وأعباء بناء جيش العبور، وآلام الانتظار الصعب للنصر المؤكد بإذن الله.
وكان الأروع، لأنه أثبت أن ما بنته مصر لم يذهب هدراً. وأن الجيل الذي وجد (مع ثورة يوليو) الطريق الصحيح لبناء مصر التي يحلم بها، والذي أعطته الثورة ما يؤهله للحياة الحرة الكريمة.. من تعليم وصحة وثقافة وهذا الجيل كان علي قدر المسئولية. كان عماد جيش المليون الذي عبر وانتصر، وكان صاحب أول حرب إلكترونية في تاريخ العسكرية. وكان صاحب أعظم التضحيات التي أرغمت العدو علي أن يعترف بأن دولته تنهار مع انهيار جيشها الذي كان يتباهي بأنه الجيش الذي لا يهزم!
كان رمضان الأروع، لكنه كان ـ من ناحية أخري ـ هو الأصعب. فقد شاءت إرادة الله أن تندلع الحرب وأنا خارج مصر. حيث كنت أشارك في تجربة صحفية عزيزة علي النفس في دولة الإمارات. التي كانت تبدأ أولي خطواتها في تأسيس الدولة من الصفر بعد الاستقلال وتوحيد الإمارات تحت قيادة الشيخ زايد بن سلطان. كان صعباً بالطبع أن نتابع حرب المصير بعيداً عن مصر. لكننا في الحقيقة كنا في قلب المعركة. كانت المشاعر عارمة، وكان الوطن العربي كله من المحيط إلي الخليج الذي كنا علي ضفافه، يجتمع علي قلب رجل واحد. وكان البترول العربي يدخل المعركة لأول وآخر مرة. وكان زايد يتجاوز القرارات الأولي للمقاطعة الجزئية، ويعلن القطع الكامل للبترول عن أي دولة تدعم الكيان الصهيوني .
تحية لشهدائنا الأبرار، ولجنودنا البواسل الذين مازالوا يقاتلون بروح أكتوبر. يحمون الوطن من أعدائه، ويحافظون علي الدين من الذين يتاجرون به
نقلًا عن الأخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع