بقلم - جلال عارف
كان طرازا فريدا في العمل الثوري وفي العمل السياسي أيضا عاش مناضلا طوال حياته. اقترب من السلطة وابتعد عنها انتصر وانهزم في معارك كثيرة اختلف واتفق مع رفاق الطريق وعلي طول الطريق الطويل لم يتوقف يوما عن ان يكون مثالا للنبل والعطاء من أجل الوطن .
كان اصغر اعضاء مجلس قيادة ثورة يوليو وكان من اقرب الناس لقلب عبدالناصر حتي رحيله بعد أحداث ١٩٥٤ كان الخلاف وكان الرحيل خارج مصر لثلاث سنوات عاد بعدها ليواصل دوره الوطني بكل تفان واخلاص. اصدر صحيفة »المساء» لتكون منبرا لليسار الوطني وقاد فيها كتيبة من المثقفين التقدميين قدموا تجربة رائعة وواصل تجربته في الصحافة حينما اصبح رئيسا لمجلس ادارة أخبار اليوم ورئيسا لتحريرها في عامي ٦٤ و٦٥ كانت فترة من اصعب وأدق الفترات في تاريخ مصر.. كانت المؤامرات تشدد الحصار علي الوطن وكانت القوي الوطنية تعمل جاهدة لتوحيد الصفوف في مواجهة المخاطر .
عرفت الراحل العظيم خالد محيي الدين في تلك الفترة لكني لم اقترب منه الا بعد سنوات وفي ظروف السبعينات ومع الانقلاب علي مبادئ يوليو وفي ظل خطيئة تحالف بعض اجنحة النظام مع »الاخوان» التي لم تنته باغتيالهم للسادات بل استمرت بطرق اخري ومهدت لانقلابات اجتماعية وسياسية خطيرة. كان علي القوي الوطنية ان تتصدي لها وكان خالد محيي الدين احد العناوين الرئيسية لنضال القوي الوطنية.. انحيازا للعدل الاجتماعي للديمقراطية الحقيقية وانتصارا لعروبة مصر واستقلال قرارها ودفاعا عن دولة المواطنة وتبشيرا بالغد الافضل الذي لم يتوقف يوما عن الايمان بأن مصر تستحقه، وان شعبها يستطيع تحقيقه .
في عز الازمات كان وجود خالد محيي الدين يعني ان لدينا القدرة علي تجاوزها وفي وسط الصراعات- دون ثرثرات السياسيين- يقدم بنفسه النموذج في ان الانتصار للوطن يلغي الصراعات الصغيرة.. وفي كل الظروف كان خالد محيي الدين يقدم المثال للثائر المخلص لثورته وللسياسي الذي يجعل النبل طريقا يحقق ما لا تحققه ألاعيب السياسيين أو مناوراتهم .
حين أبعده المرض عن العمل السياسي كانت خسارتنا الوطنية كبيرة وحين قامت الثورة قبل سبع سنوات كان خالد احد الوجوه التي افتقدها المصريون واليوم يرحل الي جوار ربه تاركا وراءه ميراثا يليق بثائر حقيقي وفارس مقاتل من أجل العدل والحرية والديمقراطية .
طبت حيا وميتا ايها الفارس النبيل
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع