بقلم - جلال عارف
الحفاظ علي وحدة الدولة السورية كان علي الدوام أحد العناوين الرئيسية في سياسة موسكو تجاه الأزمة السورية. قبل يومين فاجأنا نائب وزير الخارجية الروسي »سيرجي ريابكوف» بتصريحات قال فيها: »نحن لا نعرف كيف سيتطور الوضع فيما يتعلق بمسألة إن كان من الممكن أن تبقي سوريا دولة واحدة» !
صحيح أن الخارجية الروسية عادت لتؤكد علي ثبات السياسة الروسية تجاه سوريا، ولتقول إن تصريحات »ريابكوف» أخرجت من سياقها.. لكن المتابعين للشأن الروسي يدركون أن تصريحات المسئولين الروس لا تخرج جزافا، وأن عدوي الرئيس الأمريكي ترامب الذي يكذب بعد الظهر ما »غرد» به في الصباح علي »تويتر» لم تصل إلي موسكو بعد!!.. فماذا وراء تصريحات المسئول الروسي الكبير ؟!
ليس منطقياً أن تغير موسكو سياستها نحو الحفاظ علي وحدة سوريا، بينما قوات الجيش السوري تواصل تقدمها للسيطرة علي أرض سوريا، والقضاء علي الجيوب المناوئة أصبح مسألة وقت .
وليس منطقياً أن تغير موسكو سياستها وهي تعلن نيتها تزويد سوريا بصواريخ »إس ٣٠٠» المتطورة لردع أي طرف يفكر في عدوان جديد أو يهدد بصواريخه الذكية أو الغبية !
وليس منطقياً أن تغير موسكو سياستها، وهي توسع قواعدها العسكرية في سوريا، وتؤكد عودتها كلاعب أساسي في شئون المنطقة والعالم .
الأرجح أن موسكو تريد توجيه رسائل تحذير لأطراف عديدة تواصل محاولة ضرب الدولة السورية، ولا تستطيع أن تتقبل فكرة أن سبع سنوات من التدمير والتخريب والإرهاب تنتهي والدولة السورية صامدة، ومخطط تفكيكها قد فشل بجدارة وربما تريد موسكو أن تختبر النوايا، وأن ترغم كل الأطراف علي كشف أوراقها قبل الدخول في المباحثات حول تفاصيل الحل السياسي الذي لا بديل عنه في نهاية المطاف. ولعل موسكو تريد أن تقول لهذه الأطراف إن من يسعي لتقسيم سوريا عليه أن يتحمل النتائج وأن يدفع الثمن الباهظ لمحاولته .
الخيار في سوريا ليس بين الدولة الموحدة أو تقسيمها لولايات أو إمارات. الخيار الحقيقي هو بين الدولة الموحدة وبين الحرب التي ستتجاوز حتماً حدود سوريا إلي دول الجوار، وستجعل من صدام القوي الكبري أكثر من مجرد احتمال
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع