بقلم : جلال عارف
مثل كل قراراته بشأن المنطقة، اعتمد الرئيس الأمريكي »ترامب» في قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، علي حالة الضعف التي يمر بها العالم العربي، وعلي أن ردود الفعل لن تتجاوز الاحتجاج لعدة أيام، ثم تطوي الصفحة.. كما قالت ـ بكل صفاقة ـ مندوبة ترامب في الأمم المتحدة »نيكي هيللي» في تصريحاتها التي تفوقت فيها علي الإسرائيليين أنفسهم في العداء لكل ما هو فلسطيني وعربي، وفي تبني مواقف اليمين العنصري الصهيوني التي أصبحت هي »البوصلة» التي تقود سياسة أمريكا نحو الشرق الأوسط !! .
إنه نفس المنطق الذي كان يحكم ترامب »المقاول» وهو يتفاخر بنجاحه في التهرب من الضرائب، أو في عقد الصفقات التجارية المغشوشة!! .. لا يدرك الرجل أن الأمر يختلف حين تكون القضية هي مصير شعب، وحين يكون الصدام مع مئات الملايين من العرب ومن المسلمين والمسيحيين في كل أنحاء العالم.
قد يكون العالم العربي في أضعف حالاته، وقد يكون الانقسام بين القيادات الفلسطينية جريمة إضافية.. لكن تبقي القضية الفلسطينية حية في ذاكرة الأمة. سبعون عاما علي النكبة لم تجعل الأمر الواقع يكتسب أي شرعية عند أصحاب الحق المسلوب. ولن تسمح لقرار أحمق من الرئيس الأمريكي بأن يسلب القدس عروبتها !!
منذ قرار »ترامب» حول القدس، وحتي كتابة هذه السطور، سقط أكثر من خمسين شهيدا وآلاف الجرحي والمصابين، وسيرتفع العدد بالتأكيد مع تزايد الجنون الصهيوني المرتعد من حديث العودة، ومع الحماية الأمريكية للقتلة من الصهاينة وهم يطلقون الرصاص الحي والغازات الممنوعة علي المتظاهرين السلميين في جريمة حرب تضاف الي جرائمهم العديدة، وإن كانت هذه المرة تتم بمشاركة أمريكية ترشح الرئيس الامريكي ترامب للوقوف ـ مع مجرمي الحرب الصهانية ـ امام المحكمة الجنائية الدولية التي لم يعد أمام السلطة الفلسطينية أي مبرر للتأخر في اللجوء إليها بعد الآن !!
الأوطان لا تسرق بقرارات حمقاء، فما بالك بالقدس زهرة المدائن. والقضايا تظل حية مادامت الشعوب قادرة علي ان تنجب أجيالا وراء أجيال من الشهداء. ستظل القدس ـ رغم أنف الصهانية وحماقات أمريكا ـ تزهو بعروبتها. وستبقي فلسطين في انتظار الخلاص من النازيين الجدد وسيبقي آخر استعمار في العالم ينتظر نهايته. والتاريخ يقول لنا ـ رغم كل الظروف ـ إن الانتظار لن يطول
نقلا عن الآخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع