بقلم : جلال عارف
طريقنا للتقدم لابد أن يمر عبر صناعة حديثة قائمة علي المنافسة وإثبات الذات. ضخ أكبر قدر من الاستثمارات المحلية والأجنبية في شرايين الصناعة المصرية أمر ضروري.. ليس فقط لتوفير أكبر قدر من فرص العمل المستدامة، ولكن أيضا لأن توسيع قاعدة الصناعة الوطنية هو الذي يضمن تحقيق تنمية حقيقية تكون ركيزة لاقتصاد المستقبل .
يلفت النظر في العقود التي تبرمها الدولة في مجال التصنيع أخيرا، أن هناك حرصا علي زيادة المساهمة المحلية في عمليات التصنيع. حدث ذلك في الاتفاق الخاص بمفاعل »الضبعة النووي» وفي العديد من المشروعات المشتركة. بالأمس أشار الرئيس السيسي أثناء اجتماعه مع الوفد الروسي بشأن تطوير السكك الحديدية، إلي ضرورة العمل علي توطين الصناعة ونقل الخبرات مؤكدا أن هذا ما تحرص عليه الدولة في جميع تعاقداتها .
أحد جوانب الحالة التي وصلت إليها السكك الحديدية عندنا، هي الطريقة البائسة التي تم التعامل بها مع الصناعة الوطنية علي مدي أربعين عاما. كان لدينا صناعة يمكن تطويرها لتلبي احتياجاتنا المتزايدة. لكن مع تغير السياسات تم إهمال هذه الصناعة والاعتماد علي الاستيراد بصورة كاملة. وكاد المصنع الكبير الذي امتلك الخبرة الوطنية في هذا المجال »سيماف» أن يتعرض للتصفية، لولا أن تم إنقاذه في اللحظة الأخيرة من جانب الهيئة العربية للتصنيع التي عملت جاهدة علي تطويره وتحديثه .
لدينا الآن مشروعات لانشاء ٢٠٠٠ كم من الخطوط الجديدة لتضاف إلي شبكة السكة الحديد القديمة التي تحتاج للتحديث الشامل. ولدينا مبادرة لربط دول افريقيا بالسكة الحديد.. ولدينا رؤية لكي تكون السكك الحديدية وسيلة أساسية لنقل البضائع بجانب نقل الركاب. كل هذا يفتح الباب لكي تكون لدينا صناعة وطنية قادرة علي تلبية احتياجاتنا ثم التصدير للخارج.
هذا مثال واحد لصناعات عديدة نستطيع أن نملك فيها الأفضلية بالخبرة السابقة والسوق المتسع، والموقع الفريد الذي نملكه. الدولة تعمل بكل إمكانياتها بينما القطاع الخاص مازال مترددا رغم التسهيلات الكبيرة في القوانين الجديدة. قد يكون الاستثمار العقاري أو التجاري أكثر ربحا في المدي القصير، لكن المستقبل بالتأكيد للصناعة التي تحقق مصلحة المستثمر ومصلحة الوطن، وتؤسس للتنمية الدائمة والنهضة الحقيقية .
نقلا عن الاخبارالقاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع