بقلم - جلال عارف
ليس لي مشكلة مع الحر أو البرد، ولكن عندي ألف مشكلة مع الأتربة، ومنذ أن اكتشف الأمر نابغة الطب الدكتور عوض تاج الدين قبل سنوات، وفترات "الخماسين" هي فترات اعتقال اجباري بالنسبة لي.
أكتب الآن في غرفة مغلقة باحكام -وليس لي من رفيق إلا "المروحة" فلست من عاشقي "التكييف" ولا ألجأ إليه إلا مضطراً.
عرفنا هذه الموجات الخماسينية دائماً. لكنها كانت تأتي لفترات قصيرة وتنتهي سريعاً مع قطرات المطر التي تغسل كل شيء، وتعيد لنا البهجة والقدرة علي الرؤية الصحيحة والتنفس الطبيعي.
اختلفت الدنيا الآن. انتهزت آثار السنين فينا، لم يعد للخماسين موعد، ولم يعد للسيول توقيت. هيئة الأرصاد تجتهد، لكن -كالعادة- أصبح هناك "خبراء" يأتون من قهوة "حمكشة" لكي يقوموا بتنبؤاتهم علي مواقع التواصل في معظم الأحيان، وعلي شاشات قنوات "اللي يحب النبي يشجع" في أحيان قليلة، و"اللخبطة" قادت إلي المزيد من "اللخبطة حين قالت الأرصاد إنها تعد تشريعاً لحبس كل من يفتي في أحوال الطقس من خارجها!!
الجديد حقاً هذه المرة هو بيان من وزارة البيئة علمنا منه أن لديها وحدة خاصة لقياس حالة الهواء. وأنها تحذرنا من انخفاض مستوي جودة الهواء بدءا من أمس الخميس!!
قرأت البيان وأخذته بالطبع بكل جدية، اطمأننت علي احكام النوافذ وعلي أدوية الحساسية. ثم بدأت أسأل نفسي: إلي أين يصل بنا هذا الانخفاض في الجودة؟!.. ما أعرفه - من بيانات الوزارة نفسها وغيرها من المؤسسات الطبية- أن نسبة تلوث الهواء في القاهرة من أعلي المستويات في العالم، وأن هناك عدة مشروعات يتم العمل فيها من أجل تحسين الموقف، وهناك تعاون في هذا الشأن مع عدد من المنظمات الدولية. لكن الأمر يستغرق وقتاً ويتطلب جهداً وتعاونا من الجميع.. بدءا من الفلاح الذي يحرق قش الأرز، إلي سائق السيارة بموتور بايظ، إلي المسئولين عن نظافة القاهرة.. أو بالدقة عدم نظافتها!!
صعب جدا تصور أي انخفاض في مستوي جودة الهواء، كما تحذرنا وزارة البيئة ما لدينا يكفي وزيادة. فليرزقنا الله بعض قطرات المطر لترحمنا من أيام "الخماسين" التي طالت أكثر مما يجب.. أو مما نتحمل
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع