بقلم - جلال عارف
القاضية اللبنانية »جوسلين متي» أصدرت حكمها فكان عنواناً للحقيقة، وكان نفحة عطر تفوح بالتسامح والمحبة في مناخ لوثته عواصف التعصب والكراهية.
المتهمون كانوا ثلاثة شبان مسلمين. والتهمة كانت الاساءة لمريم العذراء سيدة نساء الارض علي مدي الزمان.. والعقوبة -كما حددها القانون- هي الحبس من ستة شهورلثلاث سنوات.
أما الحكم الذي جاء درساً للجميع، فكان إلزام المتهمين بحفظ سورة آل عمران كاملة من القرآن الكريم تحت إشراف أئمة معتمدين.
ما أروع الفهم لروح الدين ولدور القانون، وما أجمل الرسالة التي تبعث بهاالسيدة »جوسلين» من علي منصة القضاء. تدرك القاضية اللبنانية أن ما ارتكبه المتهمون لم يكن إساءة للمسيحيين وحدهم، بل كان قبل ذلك إساءة للاسلام والمسلمين. وتفهم القاضية »جوسلين» مكمن العلة، وهو الجهل بأن الدين رسالة محبة، وأن من يشيعون التعصب والكراهية باسم الدين هم الخوارج وهم أعداء الله والوطن، مهما أدعو ا أنهم يجاهدون في سبيل الحق، أو توهموا أنهم يصبحون أكثر إيماناً كلما أمعنوا في تكفير الآخرين.
الدرس الذي تلقيه القاضية اللبنانية كان علي الدوام أسلوبا للحياة عندنا قبل أن تداهمنا عواصف الكراهية والتعصب، ومازال في قلوبنا وعقولنا حتي بعد أن واجهنا كل هذه المآسي في وطننا العربي كله.
لم يكن مكرم عبيد قادماً من فراغ وهو يعلن أنه قبطي دينا ومسلم وطنا. بل كان يأتي من تراث حركة وطنية رفعت شعار »الدين لله والوطن للجميع» وكان يجسد مشاعر شعب كان أول من هدي العالم للتوحيد، وكان خير من جسد قيم التسامح والأخوة والمحبة التي تجمع الكل تحت سماء الوطن.
هذه الروح هي التي هزمت جحافل »الاخوان» حين استولوا علي الحكم في غفلة من الزمن، وهي التي تعرف أن معركتها للقضاء علي الارهابيين التي تخوضها بكل جسارة، لابد أن تكتمل بعد النصر في »سيناء ٢٠١٨» بالحرب الشاملة ضدهذاالفكر الذي لايعرف سماحة الاسلام، والذي مازال ينتج فتاوي الكراهية وعصابات التكفير والارهاب، والذي لايعرف »مصر الأجمل» التي يمتليء قلبها بالايمان ويتفتح وجدانها علي المحبة والتسامح، وهي تحلق مع صوت الشيخ رفعت يتلو »آل عمران» في سماوات ليس فيها مكان لكراهية.. وكيف يكره من امتلأ قلبه بمحبة البشر وخشية الله ؟
نقلا عن الاخبار القاهرية