بقلم - جلال عارف
بالإضافة إلي محاولة إثبات الحضور في المشهد السوري، كان لكل طرف من أطراف العدوان »الفشنك» علي سوريا أهدافه الخاصة التي يبدو أنها لم تتحقق.. وهو الأمر الذي ينبغي أن ينبهنا إلي أن الفشل قد يكون أحيانا دافعاً لتكرار المحاولة والمزيد من العدوان!
بريطانيا التي كانت قد بدأت التحرك ضد روسيا منذ أسابيع من خلال قضية الجاسوس الروسي المزدوج »سكريبال» والتي سارعت ـ كالعادة ـ بالالتحاق بالموقف الأمريكي، تجد حكومتها نفسها في مواجهة رأي عام رافض لهذا العدوان، ومعارضة برلمانية تضع »تيريزا ماي» رئيسة الحكومة في موقف ضعيف للغاية. قبل العدوان علي سوريا كان أربعة من خمسة بريطانيين يعارضون ذلك. بعد تنفيذ الضربة تشير الاستطلاعات إلي تقدم حزب العمال المعارض علي حزب المحافظين الحاكم لأول مرة منذ سنوات. والعاصفة قد تطيح بتيريزا ماي بعد أن كانت تتصور أنها ستكون عوناً لها !
والرئيس الفرنسي الطامح لزعامة أوروبا، والذي يتحرك لتكوين قوة عسكرية أوروبية بعيداً عن »الناتو» سعياً للاستقلال عن النفوذ الأمريكي، يضعف موقفه بالالتحاق بالموقف الأمريكي والمشاركة في عدوان يهدد بتصعيد المواجهة مع روسيا، في وقت يأمل كثيرون في أن تلعب فرنسا دوراً متوازناً، ويحاول فيه »ماكرون» إقامة جسور للحوار مع بوتين .
أما الرئيس الأمريكي »ترامب» الذي كان يريد تحويل الأنظار عن أزماته الداخلية والظهور بمظهر الرئيس القوي، فإن الاستعراض العسكري في سوريا كشف خطورة ترك القرار في شئون الحرب بيده (!!) وأعطي جنرالات البنتاجون المزيد من النفوذ، فهم الذين أوقفوا أن تكون الحماقة أكبر! وأعادوا ترامب من »المغامرة الاستعراضية» في سوريا بلا غنائم، ليجد نفسه مرة أخري في مواجهة تحديات التحقيقات المتواصلة بشأن التدخل في انتخابات الرئاسة، والفضائح المالية والجنسية التي لا يتوقف الحديث عنها !
كل هذا، مع تمركز اليمين المتطرف داخل البيت الأبيض، ومع وجود »جون بولتون» مستشاراً للأمن القومي، يعطي الإشارة إلي أن المغامرات الحمقاء مرشحة للاستمرار. وعلينا ـ وعلي العالم ـ أن يكون مستعداً لذلك !
نقلا عن الآخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع