بقلم - جلال عارف
وفي الشهر الكريم يرحل عن عالمنا بالأمس الرائد الإذاعي الكبير أحمد سعيد. توقف الرجل عن العمل الإذاعي منذ نحو نصف قرن، ومع ذلك يظل باقيا في الذاكرة الوطنية والقومية.. رمزا من رموز الإعلام الذي عبر عن مصر والعالم العربي في فترة التحرر والاستقلال .
ينتهز البعض رحيل أحمد سعيد في هذه الأيام ليعيدوا الحديث عن أنه مذيع النكسة. لم يكن قائد كتيبة »صوت العرب» إلا مذيعا للبيانات العسكرية التي صعدت في هذه الفترة، لكنه كان - وعلي مدي عمره الإذاعي - صوتا لليقظة القومية التي اجتاحت العالم العربي من المحيط إلي الخليج بعد ثورة يوليو وقيادة عبدالناصر .
الرجل الذي بدأ تجربة »صوت العرب» العظيمة من مكتب متواضع وبرنامج لمدة نصف ساعة عام ١٩٥٣، أصبح علي الفور صوتا للثوار العرب من الجزائر إلي الخليج، وقاد »صوت العرب» ليتصدي لعشرات الإذاعات العلنية والسرية التي كانت تحارب مصر وتحاول حصار دورها في قيادة الوطن العربي إلي الحرية والاستقلال والتقدم.
لم يكن غريبا أن يكون الاسم الحركي لأحد القادة الكبار لثورة الجزائر هو »الكولونيل صوت العرب». ولم يكن غريبا أن يكون مذيعو صوت العرب وسط المقاتلين ضد الاحتلال علي طول الأرض العربية. وكان طبيعيا مع ظهور الراديو الترانزستور أن ينتشر في الصحراء العربية، وألا تتحرك مؤشرات عشرات الألوف من هذه الأجهزة عن »صوت العرب» رغم مطاردات جنود الاحتلال .
لم يخرج عن السائد في تلك الفترة أن تتحدي الظروف وتصنع الأفضل بأقل الإمكانيات، في غرفتين أو ثلاث بمبني الإذاعة القديم كان أحمد سعيد يقود كتيبة شباب صوت العرب ويهزم إعلاما معاديا يملك كل الإمكانيات .
وفي هذا المقر المتواضع كان العالم العربي يجتمع.. بثواره ومقاتليه، وبفنانيه ومثقفيه، وبرجال السياسات والحكم فيه. وكان »صوت العرب» تعبيرا حقيقيا عن أمة تقاتل مع مصر بقيادة عبدالناصر من أجل الحرية والاستقلال والكرامة .
سلاما لروح أحمد سعيد.. صوت اليقظة العربية التي ستعرف حتما كيف تستأنف مسيرتها
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع