بقلم - جلال عارف
يجمع الصديق العزيز محمد سلماوي في كتابه الجديد »يوماً أو بعض يوم» بين إحساس الأديب المرهف، ووعي السياسي وتنوع الثقافة وثرائها.. ليغزل من كل ذلك صفحات من مذكراته في سنوات الطفولة والشباب .
ينتقل الكاتب الكبير بمهارة بين الخاص والعام. ينقل لنا الأجواء منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، وحتي نهاية عصر السادات. يحكي برشاقة رحلة حياته بدءا من النشأة في أحضان أسرة ثرية إلي الانضمام لصفوف المناضلين دفاعاً عن ثورة يوليو وتجربة عبدالناصر. كيف تحول الطفل المدلل المنطوي علي نفسه إلي هذا المبدع صاحب التجربة الثرية في المسرح والأدب؟ وكيف تحول عاشق الموسيقي الكلاسيكية إلي سجين في زنزانة ضيقة علي ذمة جرائم لم يرتكبها في انتفاضة يناير ١٩٧٧ ليمضي شهوراً يدون تفاصيلها بدقة، قبل أن تثبت براءته ويخرج من السجن أقوي علي مواجهة تحديات الحياة، وأشد إصراراً علي مواقفه الوطنية.
ولعل أجمل ما في هذه الذكريات هو هذا التصالح مع النفس والحياة. لا يزايد سلماوي بموقف، ولا يحس إلا بأنه فعل ما يمليه ضميره، ولا يفعل إلا ما يقرره بحرية. هكذا يفعل وهو يروي قصته مع رفيقة حياته وحبه الكبير، كما يفعل وهو يمضي في مسيرته المهنية واختياراته السياسية. وفي رحلته التي لم تنقطع في عالم الإبداع.
من جانب آخر يأتي الزميل العزيز حمدي رزق إلي دوحة المحبة بكتابه »كيريا ليسون.. في محبة الأقباط». يكتب عن سنوات ظللتها المودة قبل أن تداهمنا رياح التعصب السوداء، وعن صداقات لم تعرف التفرقة بسبب الدين، وعن نضال جمع الكل وهم يواجهون أعتي التحديات وينتصرون لمصر وحدها.
ويتوقف حمدي رزق طويلا عند الفترة التي اختطف فيها »الإخوان» السلطة، فظنوا أنهم امتلكوا مصر. يكشف عن فصول من إرهابهم الأسود، ومن نضال شعب مصر لإنقاذها من براثن الجهل والتخلف والكراهية التي تتاجر بالدين.
سقط الإخوان ولكن المعركة مازالت مستمرة. لن تتوقف إلا حين نقيم دولة المواطنة بكل معني الكلمة. وحين تختفي من حياتنا كل خفافيش الظلام ودعاة الكراهية. وترتفع أعلام الدولة المدنية الديموقراطية الحديثة. ربما كان الأدق أن يكون عنوان الكتاب »في محبة الوطن
نقلا عن الاخبار القاهريه