بقلم : جلال عارف
تصبح الرحلة من المنزل وإليه نوعاً من العقوبة، حيث تتوقف حركة المرور تماماً في بعض الأوقات.. يتكرر الأمر حين يكون هناك نشاط كبير في أرض المعارض القريبة من السكن. المرة الوحيدة التي أسعد فيها بهذا الزحام هي حين يكون الموعد مع معرض الكتاب .
جميل أن ينتظم المعرض لما يقرب من نصف قرن. والأجمل أن يستمر في كونه عرساً حقيقياً للثقافة، وموعداً جميلاً للقاء المثقفين المصريين والعرب، رغم كل الأزمات التي يمر بها العالم العربي، ومع كل المشاكل والتحديات التي تواجه الكتاب .
جيد أن تحتفي الصحافة بالمعرض وتتابع نشاطه. وليت هذا الاهتمام يستمرطوال العام. وليت القنوات التليفزيونية تدرك أن هذا العرس الثقافي هو فرصة مجانية أمامها لكي تخرج من الدائرة الضيقة التي وضعت نفسها فيها، ولكي تكتشف أن الثقافة أفضل بكثير من الثرثرة التافهة أو برامج نشر الغباء التي تملأ الشاشات.. وأنها يمكن أن تكون عوناً لهذه القنوات وليست عبئاً عليها كما يتصور بعض الجاهلين !
كنت أتصور أن تتسابق قنوات التليفزيون في دعوة المشاهدين »وخاصة من الأجيال الجديدة» لزيارة المعرض، والتحريض علي اكتساب فضيلة القراءة والترويج لذلك بكل الوسائل. والتركيز علي ما يخاطب العقل، وما ينمي المعارف، وما يثري الوجدان.. بدلاً من كتب ترويج الخرافة ومعاداة العقل والعلم التي تسللت إلي الفضاء الثقافي في سنوات التراجع، بدعم مالي مشبوه ومعروفة مصادره نجحت -للأسف الشديد- في محاصرة العقل العربي، وفي نشر تيار التعصب والانغلاق.. قبل أن يستفيق الجميع علي حجم الخطر، وتصبح المواجهة الثقافية والفكرية فرض عين علي الجميع .
جميل أن يظل الكتاب -رغم كل التحديات- حاضراً، وأن يظل التجديد مطلباً للمثقفين جميعاً، وأن يظل معرض الكتاب عرساً للثقافة العربية،والأجمل أن تظل أجيالنا الجديدة تتذكر قصة ذلك الروائي الموهوب الذي قال قبل سنوات انه لايحتاج للقراءة لأن لديه من الموهبة ما يكفيه ليستمر في الكتابة والإبداع. كان رد طه حسين يومها: هذا رجل رضي بجهله، ورضي جهله عنه !
كانت رسالة من طه حسين، وكانت وصية لاينبغي أن ننساها أبداً أمة »
نقلا عن الاخبار القاهريه