بقلم - جلال عارف
رائع أن يتحدث وزير المالية د.محمد معيط إلي الشباب، فيعلن اعتزازه بأنه »ابن خفير» استطاع بجهده وكفاءته أن يصل إلي ما وصل إليه .
يحتاج شبابنا إلي ما يزرع الثقة بأن الكفاءة يمكن أن تنتصر، وأن الطريق يمكن أن يكون مفتوحاً أمام المتفوقين والموهوبين إذا ثابروا واجتهدوا.
يحتاج شبابنا إلي ذلك، لكن المجتمع كله أيضاً »بكل مؤسساته» يحتاج إلي أن يتذكر دوماً مثل هذا الدرس.. ليس فقط لتأكيد فضيلة الاعتراف بالجميل والفخر بكفاح آباء تحملوا الكثير ليوفروا لأبنائهم ما يجعلهم الأفضل .
وإنما لكي يدرك الجميع مسئولياتهم في توفير الأجواء المناسبة لتقدم الشباب. الأجواء التي تحترم العلم والكفاءة وتجعلهما معياراً للتقدم .
وربما كان وزير المالية من آخر الأجيال التي تحققت بشيء من ذلك تعليم مجاني وجيد، ومجتمع لم يكن قد انقسم بين قلة تنعم بثراء أكثر من اللازم، وأغلبية تتحمل كل الأعباء .
تغير الأمر كثيراً بعد ذلك. أصبح من الصعب علي أبناء الفقراء أن يصلوا علي التعليم الجيد .. وأصبح بعيداً علي المتفوقين منهم أن يواصلوا التفوق أو أن يجدوا حصاد تفوقهم في النهاية.. فالحصاد محجوز للمحظوظين وابناء الأكابر .
من هنا .. يصبح التعليم الجيد والمجاني والموحد في المراحل الأساسية ضرورة وطنية. وتصبح رعاية الدولة للمتفوقين استثماراً هو الأفضل والأبقي.. ويصبح الاعتماد علي الكفاءة مقياساً وحيداً للتقدم شرطاً لتحقيق ما نتمناه لهذا الوطن .
في غياب ذلك يغيب العدل، ونجد أوضاعاً تتوارث فيه القلة المحظوظة الثروة والوظائف المرموقة، ويتوارث فيه الفقراء فقرهم، وتصبح معركتنا الأساسية هنا أن نستعي بقيمة العلم والعمل، وأن نجبر الجميع علي احترام الكفاءة والتفوق .
أكرر التحية للدكتور معيط كان حديثه عن ابن الغفير الذي أصبح وزيراً دعوة للشباب للتمسك بالأمل والعمل من أجل التفوق. لكنه ذكرنا بالواجب الأكبر أن نوفر كل الامكانيات أمام أبناء الفقراء لكي لا يمنعهم فقرهم من تحقيق ما يستحقونه بتفوقهم وكفاءتهم .
سنكون بخير حين لايكون مثال الدكتور معيط »استثناء» بل يكون هو القاعدة التي تعرف مكاناً للمحسوبية، ولا تحجز المقدمة- بلا مؤهلات- لأبناء الأكابر !!
نقلا عن الاخبار
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع