بقلم - جلال عارف
ومعركة التعليم و»الفيسبوك»!!
أغضب وزير التعليم السيدات، حين تحدث مؤخرا عن »أمهات في مصر عايشين ٢٤ ساعة علي فيسبوك ومش فاضيين لتربية أولادهم»!!
بالتأكيد لم يقصد الرجل الاساءة، لكن المشكلة تأتي حين تنحصر التجربة في فئة صغيرة تنشغل بالفيسبوك وحفلات عمرو دياب وتدفع مصاريف الأطفال بالدولار!!
هنا يقع الخطأ، ولا تستطيع النوايا الحسنة أن تتخطي غياب الرؤية الشاملة لأحوال الناس التي يحتاجها كل مسئول قبل أي شيء آخر، خاصة في ظروف صعبة مثل التي نجتازها، ومع اصلاح مطلوب لا يتم انجازه إلا بإيمان الجميع به وتعاونهم علي اتمامه.
لا أظن أن هناك من يتحمل العبء راضيا كما تتحمله المرأة المصرية. هي التي تحملت طويلا أعباء الظلم الاجتماعي، والتفسير المتخلف للدين، والمد الصحراوي الذي ضرب نهضتنا وعاث في المجتمع فسادا بعد أن أفسحنا له الطريق قبل أربعين عاما.
المرأة المصرية هي أم الشهيد، أم المقاتل ضد الإرهاب، وهي التي تبدع في عبور البيت المصري للظروف الاقتصادية التي ندفع فيها فواتير سنوات الفساد.
المرأة المصرية تعول بنفسها ما يقرب من ثلث الأسر المصرية محدودة الدخل. وتشارك بكل جهدها في اعالة معظم الأسر الأخري. تعمل في ظروف نعرفها جميعا، ثم ترعي الأطفال وتتولي معظم مسئولية البيت.
البعض عندنا - بحكم طول الاغتراب أو قلة المعايشة - لا يري الصورة كاملة. لا يعرف أن قطاعا واسعا يخوض معركة يومية طاحنة لتوفير أبسط مستلزمات الحياة. وأن أمهات فاضلات يقتطعن من اللحم الحي كما يقولون لكي يواصل أطفالهن الكفاح من أجل التعلم بدلا من التحول لقيادة »التوك توك»!!
بالتأكيد لا يقصد وزير التعليم الاساءة. لكن الأمر يحتاج للبعد عن الانشغال بأهل »الفيسبوك» قليلا، والتعامل المباشر مع أباء وأمهات يفعلون المستحيل من أجل أن يجد أبناؤهم فرصة للتعلم ولو في فصل يعاني التكدس، وينتظر اليوم الذي يعود فيه »التعليم الموحد» ويعود فيه الأثرياء لتحمل نصيبهم الذي يتهربون من دفعه في فواتير الاصلاح!!
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع