بقلم - جلال عارف
هم يبكي وهم يضحك، كما يقولون. وهم آخر يجمع الاثنين معا، ويتركك حائرا ما بين الضحك والبكاء!!
نعيش حربا ضارية لا تقل شراستها عن حربنا ضد الإرهاب، حين نواجه فسادا تغلغل - عبر سنوات - في شرايين المجتمع. رأينا ألوانا عديدة من الرشوة التي سمحت بإقامة ناطحات سحاب آيلة للسقوط، والتهام الأرض الزراعية لبناء عمارات مخالفة. والتي أدخلت أطعمة فاسدة وأدوية منتهية الصلاحية إلي بلادنا، وأتاحت للحيتان الكبيرة أن تنهب أراضي الدولة، وأن تتهرب من الضرائب، وأن تحصل علي ما تريد ما دامت تملك أن تدفع ما يفرضه عالم الفساد من إتاوات ورشاوي!!
كان من أسوأ أنواع الرشاوي تلك التي تدفع لشراء الوظائف المرموقة التي تعطي صاحبها الوجاهة الاجتماعية أو الدخل الكبير، والتي تحرم الأكفاء من حقوقهم المشروعة لصالح من يملكون ومن يدفعون.
لكن آخر ما كان يخطر علي البال، أن نري مجالا مثل دفن الموتي يدخل في ميدان الرشوة الفسيح. حتي قرأنا قبل أيام عن ذلك المسئول في إحدي المحافظات الكبري الذي تم ضبطه بعد أن طلب من أحد المواطنين رشوة قدرها ١٥٠ ألف جنيه، لكي يحصل علي وظيفة »مساعد تربي»!!
ربما يفسر ذلك كيف يتم ابتزاز أهل المتوفي حتي يواري في قبره، بعد أن يتحول الموت إلي موت وخراب ديار!!
وربما يفسر ذلك كيف تحولت أعداد من المقابر إلي مساكن للإيجار أو غرز للمخدرات لصالح »التربي» ومساعديه!!
وربما يفسر ذلك تحول بعض معدومي الضمير منهم للاتجار بجثث المتوفين مقابل أموال طائلة!!
من يدفع هذه الأموال كرشوة لكي يصبح مجرد »صبي تربي» لابد أن يعرف أنه سيربح أضعاف أضعافه.
يقول الخبراء إن ثلث الوظائف التي نعرفها اليوم ستختفي خلال أعوام ليحل »الروبوت» محل الإنسان. ويقول مسئول حزب الفساد إنه في واقعة »صبي التربي» كان الأمر يتعلق باستثمار آمن ورابح وطويل الأجل. ويضيف فاسد آخر إن »إبن الحلال!!» الذي أبلغ عن الواقعة سوف يعرف حتما قيمة الأغنية الذائعة: »اللي باعنا.. خسر دلعنا»!!
وهم يضحك، وهم يبكي، وهم يجمع الاثنين برعاية فساد لا يرحم الأحياء أو الأموات!!
نقلا عن الاخبار
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع