بقلم: جلال عارف
أكثر من ٤٠٠ مليون ناخب يحددون هذه الأيام مصير الاتحاد الأوروبي عبر انتخابات برلمانية قد تكون هي الأخطر في تاريخ هذا الكيان الذي يمر بفترة صعبة ويواجه احتمال التفكك والانهيار !
وليس بعيداً عن مناخ الانتخابات هذا المشهد الذي ختمت به رئيسة وزراء بريطانيا »تيريزا ماي» حياتها السياسية، وهي تقف لتعلن بعيون تغالب الدموع قرارها بالاستقالة واعترافها بالفشل في تحقيق المهمة الأساسية التي جاءت للرئاسة من أجلها، وهي إتمام عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والتي يطلق عليها »البريكست» .
ويأمل أنصار الاتحاد الأوروبي أن تكون أزمة بريطانيا دافعاً لأنصار أوروبا الموحدة للمشاركة في الانتخابات وإعطاء أصواتهم في هذا الاتجاه الذي يقوده الرئيس الفرنسي ماكرون والمستشارة الألمانية ميركل. بينما علي الجانب الآخر ـ تتوحد قوي اليمين المتطرف التي تستغل المشاعر القومية، وتحيي أفكار الفاشية والنازية من جديد، وتتبني مواقف ضد الهجرة ومع أوروبا البيضاء،وتريد من كل دول أوروبا أن تسير علي طريق »البريكست» وأن تنهي ما تعتبره سيطرة أوروبية علي مصير دول كبري يرون أن مستقبلها سيكون أفضل بدون اتحاد أوروبا !
فرص اليمين المتطرف في هذه الانتخابات كبيرة بشكل غير مسبوق. وصول »ترامب» للحكم في أمريكا قوي من شوكتهم. وتنامي قوة ونفوذ روسيا بقيادة »بوتين» كان مثار إعجابهم. والأزمة التي يمر بها النظام العالمي كله تصب في مصلحتهم .
مستشار »ترامب» السابق »ستيف بانون» يقود في أوروبا حملات اليمين المتطرف، ويعلن بصراحة أنه لو فازت زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا »ماري لوبان» وحصلت علي ٣٠٪ من الأصوات، فإن هذا لن يمثل فقط هزيمة للرئيس الفرنسي ماكرون، بل سيمثل انتصاراً للرئيس الأمريكي »ترامب» وتأكيداً علي نجاحه في الفوز بولاية ثانية !
الأمر المؤكد أن أزمة أوروبا ستطول، وأن الكثيرين في عواصم أوروبا سنراهم ـ بعد الانتخابات ـ يغالبون دموعهم وهم يغادرون المسرح السياسي كما فعلت السيدة »ماي