بقلم : جلال عارف
عشرات الألوف من الفلسطينيين يزحفون اليوم إلي قرب السياج الحدودي الذي يفصلهم عن وطنهم السليب وأرضهم المحتلة. اختار الفلسطينيون أن يتواجدوا بالقرب من اطلال قراهم القديمة في مظاهرة سلمية حرصوا علي ان تكون علي بعد لا يقل عن ٧٠٠ متر من الحدود، تلافيا لأي صدام مع الاسرائيليين الذين حشدوا قواتهم العسكرية وهددوا بإطلاق الرصاص علي من يقترب من الحدود. المظاهرة هي البداية أو »البروفة» لنشاط سيتصاعد حتي الذكري السبعين للنكبة في منتصف مايو المقبل. وهي ـ في نفس الوقت ـ تأتي ردا علي التحركات الأمريكية والإسرائيلية الهادفة إلي تصفية القضية الفلسطينية. فبعد قرار »ترامب» الذي أدانه العالم كله بنقل سفارة بلاده الي القدس، كانت الخطوة الثانية في السياسة الأمريكية تجاه فلسطين هي محاولة شطب »حق العودة» من جدول المفاوضات وخطط الحل السلمي للصراع.
لم تكتف الإدارة الامريكية بتقليص الدعم المقدم لمنظمة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بل أعلنت صراحة النية لإلغائها باعتبارها عقبة في طريق الحل السلمي (!!) لانها كما ردد مسئولون أمريكيون في مقدمتهم المندوبة الامريكية في الأمم المتحدة »نيكي هيلي» منظمة تسعي لابقاء قضية اللاجئين حية، والحفاظ علي مسئولية المجتمع الدولي عن تطبيق قرارات الأمم المتحدة التي حافظت علي »حق العودة» والتي تقدم بعض العون لخمسة ملايين لاجئ هم ضحية جرائم اسرائيل ومن دعموا عدوانها المستمر علي الشعب الفلسطيني.
القوي الوطنية الفلسطينية حريصة علي سلمية التظاهر. تعرف جيدا أن هذا هو سر قوة هذا التحرك الذي يأتي ليقول ان سبعين عاما من النكبة لا يمكن ان تنسيهم الوطن، وان القدس ستظل عربية، وأن من يزعجه ان يري قضية »اللاجئين» مازالت حية، فإن عليه أن يدرك أن الحل ليس في اضفاء الشرعية علي جريمة طرد شعب من أرضه، بل في إعادة الحقوق لاصحابها.. خاصة بعد ان قدموا كل التنازلات الممكنة، فكانت النتيجة المزيد من ابتلاع الارض بالاستيطان، ثم التوافق الامريكي الاسرائيلي علي ان الحديث عن »حق العودة» هو العقبة في طريق السلام!!
اليوم يذهب آلاف الفلسطينيين ليعتصموا بالقرب من الحدود. ليقولوا للعالم كله ان أحدا لا يستطيع ان يمنعهم من أن يحلموا بالعودة وان يشتاقوا للوطن
نقلاً عن الآخبار القاهرية