بقلم : جلال عارف
مع تصاعد الأزمة السورية، كان السباق الحقيقي خلال الأيام القليلة الماضية يجري بين ترامب وحلفائه من ناحية، وبين بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التي كان أفرادها يصلون تباعاً إلي سوريا للتحقيق في اتهام الحكومة السورية باستخدام الأسلحة الكيماوية المحظورة في منطقة دوماً في ريف دمشق. البعثة كانت ستبدأ عملها علي الأرض أمس السبت، والصواريخ الأمريكية والفرنسية والبريطانية انطلقت قبل ساعات لتسد الطريق علي محاولة كشف حقيقة ما حدث!!
ومع هذا السباق، كان جنرالات أمريكا في خلاف مع ترامب وفريقه الجديد من المساعدين والمستشارين الذين لا يقدرون مخاطر الانزلاق إلي حرب مع روسيا بكل احتمالاتها المفزعة. ويبدو أن وجهة نظر الجنرالات قد انتصرت، ولهذا جاءت الضربة أشبه بالاستعراض العسكري، وجاء التأكيد علي أنها رسالة للحكم في سوريا، وأنها لا تستهدف حلفاءه من قريب أو بعيد !!
القصة ليست في »الكيماوي» المزعوم، وإنما في مصير سوريا التي تحولت إلي ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، والقضية هي منع الحكم في سوريا من استكمال سيطرته علي كامل التراب السوري. أمريكا ودول الغرب تقول إنها حاضرة في رسم مستقبل سوريا، وأنها لن تسمح لروسيا بأن تكون صاحبة القرار وحدها. كل الأطراف تقاتل من أجل ضمان مصالحها. الأحلاف التي نراها اليوم تسقط غدا. أوروبا تدرك أن مصالحها لن تتطابق مع مصالح أمريكا. وأمريكا تسعي لضمان مصالحها قبل سحب قواتها. وتركيا التي كانت تقف بجانب روسيا وإيران أمس، تعلن اليوم مباركتها لضرب سوريا. وإيران لابد أن تدرك أن ما فعلته في العراق لن يسمح لها بتكراره في سوريا .
انتقل الصراع من دائرة الحروب بالوكالة، إلي المواجهة بين الدول الكبري بكل ما يحمله ذلك من خطر تنكشف أمامنا أبعاد الغياب العربي الذي طال والذي دفع العرب ثمنه الفادح وحدهم، ومازالوا يدفعون. أسوأ ما يمكن أن تواجهه سوريا الآن أن يتم اقتيادها إلي سنوات أخري من الحروب الأهلية، أو أن يتم فرض التقسيم الذي تسعي له قوي عديدة .
لا حل إلا بالوقوف وراء وحدة سوريا ودعم دولتها العربية. ولا طريق إلا الحل السياسي الذي يعيد مصير سوريا ليد أبنائها
نقلا عن الآخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع