بقلم - جلال عارف
في وداع رمضان لن نسمع إلا أغنية المطرية شريفة فاضل »تم البدر بدري» التي كتبها الشاعر المبدع عبدالفتاح مصطفي، ولحنها عبدالعظيم محمد قبل أكثر من نصف قرن. قبلها كانت الاغنية الرائجة في وداع رمضان هي أغنية لكارم محمود »لا أعرف لماذا لاتذاع الآن!!» من الشعر القديم وهي أغنية »توحيشه» رمضان .
لا شئ جديد طوال نصف قرن. تماما كما نستقبل رمضان بأغنية »طلب» الشهيرة »رمضان جانا» وإن كان هناك بعض الأغنيات الجميلة الأخري لفوزي وعبدالعزيز محمود والثلاثي المرح.. وكلها مضي عليها أكثر من ٥٠ سنة ومازالت تعيش بينما المحاولات الجديدة لم تثمر شيئا له قيمة .
بالطبع كانت هناك تجارب جميلة في الغناء العاطفي، لكن المساحة التي تحرك فيها الغناء عادت لتكون ضعيقة، لم تعد تلك المساحة التي كانت مع المسرح الغنائي في زمن سيد الموسيقي العربية الحديثة سيد درويش. ولم تعد تلك المساحةالتي حاولت ذات يوم ان تعوض غياب المسرح الغنائي بالافلام الاستعراضية، وبالبرامج الغنائية الاذاعية، ثم بإطلاق مساحات لغناء جديد يحتفي بالحياة في كل مآلاتها .
كان الغناء الرومانسي قد بلغ قمته مع تراكم إبداع جيل أم كلثوم وعبدالوهاب مع جيل عبدالحليم وفيروز والموجي والطويل وبليغ والرحابنة وغيرهم من قمم الموسيقي والغناء رأينا غناء للعمل والعمال والفلاحين. وغناء لافراح الناس بالزواج وأعياد الميلا. ورأينا عهدا جديدا لغناء الاطفال مع »ماما زمنها جاية» وغيرها. ورأينا عبقرية صلاح جاهين تهدينا برنامجا اذاعيا بديعا عن الصناعة وهو برنامج »الممكن» وعبقرية فؤاد حداد تأخذنا إلي دنيا »المسحراتي» ثم تستنهض اجمل ما في مصر في أروع برنامج اذاعي غنائي وهو »من نور الخيال».. ورأينا ام كلثوم تبدع في برنامج »رابعة العدوية» مع ألحان السنباطي والطويل والموجي الذي تفوق علي نفسه وهو يصنع لحنين من أجمل ماغنت أم كلثوم وما أبدعه الغناء العربي وهما »حانة الاقدار» و»الرضا والنور» .
كنا امام حالة استثنائية من الابداع الجميل، وكنا امام رؤية تسير بالغناء ليكون احتفالا بالحياة وبالبشر في كل أحوالهم. أين نحن من هذا اليوم؟ سؤال ربما تجد إجابته وانت تسمع مثلي اغنية »تم البدر بدري» وتستعد مثلي لـ»ياليله العيد أنستينا» .. ورمضان كريم .
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع