بقلم : جلال عارف
رائع أن يتوج محمد صلاح كل يوم بجائزة مستحقة .
ورائع أن يواصل ابن القرية المصرية طريقه إلي صدارة المشهد الكروي في العالم. ورائع أن يستمر »مو صلاح» صانعا للبهجة في حياتنا، ونموذجا في النجاح والتواضع ليسكن قلوب الملايين .
لكن الأروع أن يقترن ذلك كله بالوعي بأن هذا النجاح لم يأت عن طريق الصدفة. وأن ما يقدمه صلاح من أداء استثنائي رائع لا يرجع فقط لموهبته الكروية الاستثنائية، وإنما أيضا لانه صان هذه الموهبة واشتغل عليها بجهد متواصل وبعزيمة تعرف كيف تتخطي العوائق، وبإيمان عميق بأن مكانه في المقدمة، وأنه قادر علي الوصول إليه .
وهو يتسلم جائزة أفضل لاعب في الدوري الانجليزي لهذا العام، كان حتما ان يستعيد الذكريات، وأن يقف أمام حضوره الاول الي هذا الدوري، وكيف انضم الي نادي »تشيلسي» ليجلس موسما كاملا علي كراسي الاحتياطيين دون فرصة حقيقية. كان من الممكن لهذه التجربة ان تهز ثقته وأن تثبط عزيمته. لكنه لم يفعل، بل استفاد من التدريب تحت قيادة مدرب عالمي ومعايشة فريق كبير، رفض التجميد وبحث عن الفرصة في إيطاليا، ليتألق هناك ويثبت موهبته، ويعود إلي انجلترا ليصبح في أول موسم له نجم الفريق وأفضل لاعبي الدوري الانجليزي جميعا .
هذا الدرس لا يقتصر علي عالم الكرة، لكنه يمتد لكل نواحي الحياة. أن يرزقك الله الموهبة.. هذه نعمة يجب الحفاظ عليها، بالتعليم المتواصل والرعاية الكاملة، والالتزام الدقيق، والإرادة الصلبة .
ثروتنا البشرية هي أغلي ما نملك. المواهب فيها عديدة وهائلة معظمها ـ للأسف الشديد ـ يتبدد أو لا يتحقق بصورة كاملة، لانه لم يجد الرعاية، أو لم يستطع ان يحفظ موهبته ويطورها كما ينبغي. أجمل احتفال بصلاح هو أن تكون تجربته دافعا لكل موهوب من شبابنا في أي مجال، بأن يحافظ علي موهبته ويرعاها، وان يؤمن بأنه قادر علي قهر الصعاب وتحقيق الامل. وأجمل تحية لصلاح هي ان يلتفت المجتمع لضرورة خلق المناخ الذي تتفتح فيه المواهب ويحقق فيه الشباب ما يستحقون .
كل الأماني الطيبة لصانع البهجة »صلاح». مازال أمامه الكثير ليحققه. فليرعاه الله في خطواته القادمة نحو الأفضل والاجمل
نقلا عن الآخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع