بقلم - جلال عارف
رغم كل شئ، فإن انتاج كل هذا الكم من الدراما التليفزيونية يعني أن صناعة الدراما تتعافي، وأن ماكينة الإنتاج تعمل، وتلك كل عناصر التفوق في عالم الإبداع .
أن يتم قتل المسلسلات بحشدها بهذا الشكل الهستيري في شهر رمضان من أجل مصلحة الإعلان وحده، فهذه جريمة لا تجعلنا نغفل أن هناك مواهب شابة تتفجر بإبداعها في كل المجالات، وأنها تبشر بكل خير حين تتواري السلبيات، وحين يتم استئصال كل العناصر التي تفسد الدراما التليفزيونية.. بدءا من سطوة الإعلان، إلي غياب النص الدرامي الممتع، مرورا بغياب المنتج الواعي بأن انتاج الفن يختلف عن تجارة الخردة أو التهليب في البورصة !! .
كان الشهر الكريم فرصة لكي نقف امام حقيقة التراجع الذي أصاب العديد من عناصر »القوة الثقافية والفنية» التي تمثل علي الدوام أحد محاور قوة مصر وتأثيرها العربي والعالمي.
حين تتراجع دولة التلاوة الاجمل والأروع لآيات القرآن الكريم، وتتراجع معها مدرسة الانشاد الديني بعد علي محمود والفشني والنقشبندي، وحين لا ننتج أغنية رمضانية جميلة علي مدي أربعين عاما أو يزيد، وحين تتراجع الدراما التليفزيونية من مستوي »ليالي الحلمية» الي مسلسلات »التيك أواي».. فلابد ان نفكر في الاسباب، وان ندرك ان القضية لا يمكن ان تكون العجز عن انتاج المواهب وإنما في مناخ كان يحاصر كل ماهو جميل في بلادنا، ويقاتل لكي يجعل مصر رهينة المحبسين: الحبس في ظلام العصور الوسطي وأفكارها التي تتاجر بالدين، أو الحبس الآخر في ظل سطوة كانت لحزب الفساد الذي تحالف مع تجار الدين لخنق كل شيء جميل في الوطن .
يملؤني اليقين ـ رغم كل العقبات ـ ان سنوات الجفاف الثقافي والفني قد قاربت علي النهاية، وان الجيل الذي تحمل مسئولية ثورتين في بضع سنوات، واستطاع ان يعبر كل التحديات.. هو جيل لابد ان تنفجر مواهبه، وان يبدع في كل المجالات، فلنمهد له الطريق حتي يكون ابداعه هو جائزتنا وجائزة الوطن، وكل عام ومصر أجمل، وشعبها يقاتل ويبني ويزرع الخير والجمال في كل مكان .
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع