بقلم - جلال عارف
في ظروف عادية، كان يمكن مرور حادث الانفجار الذي وقع بالأمس في قلب باريس بقليل من الاهتمام. لكن الحادث يقع في ظل ظروف بالغة الدقة بالنسبة لفرنسا وأوروبا، وهي ظروف غير بعيدة عما تمر به المنطقة العربية والشرق الأوسط من تطورات خطيرة.
أكتب ولم يتحدد بالقطع سبب الانفجار. يرجحون تسرب الغاز، لكنهم لا يستبعدون العمل الجنائي أو الإرهابي مع حجم الانفجار والعدد الكبير من المصابين. ومع وقوع الحادث في يوم مظاهرات »الستر الصفراء» التي تجتاح فرنسا للسبت الثامن علي التوالي رغم الصقيع والأحوال الجوية السيئة!!
في أقل الأحوال سوءا.. نحن أمام فرنسا غير المطمئنة، والمنقسمة بصورة تزداد يوما بعد يوم. ونحن أمام المخاوف التي تزداد من ظروف اقتصادية تزداد صعوبة، ومن صعود لافت لليمين المتطرف، ومن إرهاب يطل برأسه بين الحين والآخر مهددا بالأسوأ.. خاصة إذا عاد »الأوروبيون الدواعش» بعد انتهاء »مهمتهم» في سوريا ليتحولوا إلي قنابل موقوتة في بلادهم الاصلية التي ترفض - حتي الآن - استعادتهم!!
ومن هنا تزداد المخاوف.. بين أزمة داخلية ومخاطر من اليمين المتطرف أو من الإرهاب الذي لن ينهزم بسهولة ولن ينحصر في منطقة دون أخري. ولا تنفرد فرنسا بهذا الوضع. أوروبا كلها تمر بفترة صعبة. الأوضاع الاقتصادية تتراجع، والأزمة المجتمعية تتصاعد في ظل معاناة الطبقات المتوسطة والفقيرة. والاتحاد الأوروبي يواجه أزماته الداخلية. ويواجه أيضا الصراع مع روسيا، والخلافات الأساسية مع سياسات الرئيس الأمريكي ترامب الذي يناصر اليمين الأوروبي المتطرف علانية، ويدعو الجميع للاقتداء ببريطانيا في الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، ولا يري في ملف »الناتو» إلا عبئا ماليا آن الأوان أن تتخلص منه أمريكا وتتفرغ لبناء الأسوار حولها!!
قد يكون انفجار باريس مجرد حادث ناجم عن تسرب الغاز »وهذا هو الأرجح حتي كتابة هذه السطور» ولكنه يكشف عن حجم المخاوف التي تجتاح فرنسا »وأوروبا كلها» من التسرب الأخطر ليمين متطرف يجنح للعنف، أو لإرهاب كنا ذات يوم نحاربه وحدنا، وكان البعض يري أن أحدا في العالم كله لن يكون بعيدا عن نيرانه المسمومة!!
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع