بقلم - جلال عارف
بدا الرئيس الامريكي ترامب وكأنه يردد إحدي الاغنيات القديمة للمطربة عفاف راضي، وهو يغرد شاكيا: »وحدي قاعد في البيت!!» مشيرا إلي أنه اضطر لإلغاء السفر في عطلة عيد الميلاد ليستمتع بشمس كاليفورنيا ويلعب الجولف. وذلك بعد أن توالت الأزمات وآخرها ـ حتي اللحظة ـ هي رفض الكونجرس للميزانية الحكومية الجديدة بسبب إصرار »ترامب» علي اعتماد ٥٫٧ مليار دولار لبناء السور العازل مع المكسيك، والذي سبق له أن أعلن أنه سيرغم المكسيك نفسها علي تحمل تكلفته!!
بقي الرئيس ترامب في البيت، وظل يرسل تغريداته فاتحا الابواب علي المزيد من الأزمات. لكنه لم يكن وحده الذي يستقبل أعياد الميلاد في أجواء لا تبشر بخير. أمريكا كلها تعيش فترة مضطربة. مئات الألوف لن يقبضوا مرتباتهم وربما لن يعودوا لوظائفهم إذا استمر تعطيل بعض المؤسسات الحكومية. وملايين الامريكيين يعانون من نقص الخدمات التي كانت هذه المؤسسات المغلقة توفرها. والمسئولون في وزارة الدفاع يحاولون معالجة قرارات ترامب بشأن الانسحاب من سوريا وأفغانستان. والكونجرس الذي اصطدم مع ترامب ورفض ـ بأغلبيته الجمهورية ـ إقرار طلباته المالية بشأن الجدار العازل، يستعد لدورة جديدة ستكون الأخطر بعد أن حصل الديمقراطيون علي الأغلبية في مجلس النواب.
والأهم من ذلك أن هذا الارتباك يهدد بما هو أخطر. وهو الصدام بين ترامب والمؤسسات المالية ممثلة في البنك المركزي »بنك الاحتياطي الفيدرالي» الذي قال عنه ترامب إنه العقبة الأساسية أمام سياساته الاقتصادية، ملوحا بإمكانية عزل رئيسه الذي اختاره بنفسه، وهو أمر لم يحدث من قبل في تاريخ أمريكا.
والنتيجة تراجع حاد في البورصة، وانخفاض في سعر الدولار، ومخاوف من أزمة مالية عالمية تفوق أزمة ٢٠٠٨، قد تكون آثارها أسوأ بسبب الحروب التجارية التي شنها ترامب والركود الذي تزداد حدته في التجارة العالمية.
وسط كل هذه المخاطر، لا أحد يتوقع في أمريكا إلا المزيد من الادارة المضطربة، والفوضي الداخلية. بينما الرئيس الامريكي ينتظر نتائج التحقيقات في القضايا الخاصة به ومساعديه، ويواصل التغريد: وحدي قاعد في البيت.. الأبيض!!
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع