بقلم - جلال عارف
عندما قرر رئيس وزراء بريطانيا السابق »ديفيد كاميرون» الذهاب إلي استفتاء عام حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قبل ما يقرب من ثلاثين شهراً، كان ينساق وراء مؤشرات تؤكد أن النتيجة ستكون انحياز الأغلبية العظمي للبقاء داخل الاتحاد الأوروبي، واكتسابه المزيد من القوة السياسية التي تمكنه من المضي في تنفيذ برنامج حكومته وتوطيد مكانة بريطانيا داخل أوروبا.
لكن نتائج الاستفتاء أطاحت بكل التوقعات، وأطاحت بكاميرون من رئاسة الحكومة، وأظهرت انقساما حادا داخل بريطانيا، وانحيازا للخروج من الاتحاد الأوروبي بأغلبية بسيطة »٥٢٪» وبداية لمرحلة من أصعب المراحل التي مرت بها بريطانيا. فقد ظهرت المشاكل والتعقيدات بعد الاستفتاء، وجاءت »تيريزا ماي» لرئاسة الحكومة لتنفذ عملية »البريكست» أو الخروج من الاتحاد الأوروبي التي كانت تعارضها (!!).. وفي المقابل كان الاتحاد الأوروبي صارما في التعامل مع بريطانيا، خوفا من أن تتبعها دول أخري من أعضاء الاتحاد وتكون سببا في انهياره.
خسرت »ماي» معركتها الأساسية برفض البرلمان البريطاني للاتفاقية التي توصلت إليها مع الاتحاد الأوروبي. لم تعد القضية اسقاط الحكومة أو بقاءها. الوضع الآن أخطر. بريطانيا مهددة بحالة من الفوضي الاقتصادية والسياسية. والمخاطر تتجاوز مصير السيدة ماي إلي مصير بريطانيا التي أصبحت تخاف علي وحدة الدولة من ناحية، وتواجه المجهول اقتصاديا وسياسيا من ناحية أخري.
تحتاج بريطانيا لمعجزة كي تخرج من أزمتها. يقول الخبراء إن الشركات البريطانية قد خسرت حتي الآن تريليون جنيه استرليني، وأن القادم أسوأ. عاصمة المال »لندن» مهددة بفقد مكانتها. الاقتصاد الخامس في العالم يتراجع بنسبة كبيرة.
أوروبا أيضا تعرف أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق ينظم العملية لا يعني إلا الفوضي الشاملة. تتمني أوروبا بقاء بريطانيا في الاتحاد وتراهن علي أن أغلبية كبيرة من البريطانيين تؤيد ذلك الآن، بعد أن أدركت عواقب الانفصال عن أوروبا. البعض يري الحل في استفتاء جديد، والبعض يري أن بعض التنازلات من جانب الاتحاد الأوروبي مطلوبة لانقاذ الموقف وتمرير الاتفاق.. والكل يطلب المعجزة قبل أن تعم الفوضي.
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع