توقيت القاهرة المحلي 10:32:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حكومة عابقة برائحة المازوت الإيراني!

  مصر اليوم -

حكومة عابقة برائحة المازوت الإيراني

بقلم : راجح الخوري

الأسبوع الماضي، عندما كانت حكومة نجيب ميقاتي مجتمعة في القصر الجمهوري لتقر بيانها الوزاري، كانت شاحنات المازوت الإيراني، التي استجلبها «حزب الله» من فوق رأس الدولة، قد بدأت تدخل من سوريا إلى منطقة البقاع، وسط احتفالات تخللها إطلاق للقذائف وكان الرصاص زخ المطر وصلت أصواته إلى بعبدا، ولكن عندما سُئلت الحكومة عن رأيها فيما يجري في منطقة البقاع من وراء ظهرها طبعاً، قالت بالحرف إنها لم تتطرق إلى هذا الموضوع، ربما «لأن البقاع في هونولولو وليس في لبنان» كما علق أحد السياسيين لمرارة السخرية!
وعندما أعلن أمير عبد اللهيان، وزير الخارجية الإيراني، أن المازوت أرسل استجابة لطلب من الحكومة اللبنانية، نفى ميقاتي هذا الأمر، ما استدعى توضيحاً من عبد اللهيان يقول إن تجاراً لبنانيين هم الذين اشتروا شحنة المازوت، وكأنه في أي بلد في العالم يستطيع التجار استيراد ما يريدون من أي بلد آخر، دون موافقة السلطات الرسمية!
لكن هذه السلطات في لبنان غائبة مرتين، مرة لأنه قيل إن تجاراً لبنانيين على لائحة العقوبات الأميركية في الصين، التي تريد زكزكة أميركا، دفعوا ثمن باخرة المازوت، التي قال عنها حسن نصر الله مراراً إنها تقدمة من إيران، والدولة طبعاً في حال «لم سمعنا لم قشعنا»، ومرة لأن وصول المازوت الإيراني إلى لبنان يمكن أن يعرضه للعقوبات الأميركية، وأيضا «لم سمعنا لم قشعنا»!
يوم الجمعة من الأسبوع الماضي، أجرت بيكي أندرسون من شبكة «CNN» مقابلة مع ميقاتي وسألته عن رأيه في إدخال النفط الإيراني إلى لبنان من دون إذن أو طلب رسمي، فقال بالحرف: «أنا حزين على انتهاك سيادة لبنان، ولكن ليس لدي خوف من عقوبات على لبنان، لأن العملية تمت في معزل عن الحكومة اللبنانية»، وليس واضحاً كيف يقول في معزل عن الحكومة إذا كان «حزب الله» يكرر منذ أسابيع أنه سيجلب النفط الإيراني، وأن الأمر لا يقتصر على باخرة واحدة، بل على أسطول متتابع من البواخر، من دون أن يعلق أحد في الدولة اللبنانية.
ولكن السؤال الأهم ماذا يفيد حزن الرئيس ميقاتي على السيادة اللبنانية المنتهكة، وفي أي بلد في الدنيا يستقيل الرؤساء وتنهار الحكومات عندما تنتهك السيادة، لكن العجيب أن ميقاتي الذي يعترف بأن العملية تمت في معزل عن الحكومة اللبنانية، ليس لديه خوف من عقوبات على لبنان، فعلى ماذا يتكل؟
والغريب ارتياحه المدهش إلى أنه ليس من عقوبات على لبنان فحسب، بل إنه لم يتردد في أن يبدي تفاؤلاً عجيباً حيال استعادة الدعم من الدول العربية الشقيقة، رغم أنه لم يكن قد تلقى بعد أي اتصال من أي من العواصم العربية، وفي هذا السياق لم يتردد في القول: «إن لبنان مريض في حالٍ سيئة جداً، وإنه ملقى في مرحلة الانتظار أمام طوارئ المستشفى، في انتظار الأخ الأكبر العربي، ليأتي وينقله إلى غرفة العمليات لإجراء الجراحة، ثم العناية الفائقة، على أمل أن يخضع بعدها إلى فترة النقاهة قبل التعافي النهائي».
يقول الرئيس إنه يراهن وينتظر «الأخ الأكبر العربي»، ذلك الذي يقصفه «حزب الله» يومياً بالاتهامات والتهديدات ويحاول إغراقه بالمخدرات، عملياً الأحرى به أن يكون حزيناً أكثر على ابتعاد ونفور «الأخ العربي الأكبر»، بعدما صارت دويلة «حزب الله» صاحبة القرار والقطع والوصل، خصوصاً في هذا العهد القوي بعد تحالف الرئيس ميشال عون مع الحزب، ويقول إنه حزين على انتهاك سيادة لبنان، ولكن في التحامل والاتهامات والمخدرات، التي تستهدف الدول العربية الشقيقة، خصوصاً في الخليج، انتهاك أشنع وأبشع للسيادة اللبنانية!
هل كثير القول إن الحزن من حق الشعب اللبناني، لا من حق معظم هذا الطقم السياسي، الذي أتحفنا يوم الاثنين الماضي بإعطاء الثقة لحكومة برائحة وطعم المازوت الإيراني، بعد جلسة نيابية معيبة وفاضحة تكشف مدى الانهيار المريع الذي وصل إليه لبنان، فمن المعروف أنه بعد اندلاع ثورة «17 تشرين الأول» من عام 2019، ومحاولة المتظاهرين الوصول إلى مبنى مجلس النواب في ساحة النجمة، عمدت الدولة إلى إقفال الطرق والمعابر إليه بجدران من الحديد والإسمنت وتكلفت الملايين.
وفي حين ينوء البلد من الانهيار الاقتصادي، قرر مجلس النواب الانتقال إلى مبنى الأونيسكو التابع لوزارة الثقافة، حيث أنفق فوراً ستين مليون ليرة على إصلاح مكيفات الهواء، حرصاً على راحة النواب وعلى أفكارهم النيرة، وعلى هذا تقرر يوم السبت الماضي، أن تعقد في الأونيسكو، جلسة الثقة بحكومة ميقاتي التي بدلت اسمها من «حكومة العزم» إلى «معاً للإنقاذ»، وهذه طبعاً محاولة استباقية واضحة لتعميم الفشل الحتمي المنتظر من خلال القول «معاً» (وما خلونا) بدلاً من «العزم».
وتقاطر النواب إلى قصر الأونيسكو لكنهم فوجئوا بانقطاع الكهرباء، وهي حال تعم البلاد والعباد، وأكلوا المقلب الغليظ مرتين، مرة لأنهم وقفوا أربعين دقيقة في الفناء المظلم لأن مولدات المبنى بلا مازوت، ريثما جيء بشاحنة مازوت إيراني، قيل إنها من «حزب الله»، الذي وزع رواية ثانية تقول إن الجلسة كانت مهددة بألا تعقد بسبب انقطاع الكهرباء، فطلب منا المساعدة فأرسلنا مولداً إلى الأونيسكو، لكنهم كانوا فقط في حاجة إلى المازوت فأرسلناه لهم.
طبعاً لا حاجة إلى الحديث عن البيان الوزاري، الذي رغم أنه كُتب بالمازوت الإيراني، فإنه يحلق عالياً في التفاؤل، خصوصاً أنه ليس أمام هذه الحكومة أكثر من أربعة أشهر لاجتراع المعجزات، قبل أن تبدأ فترة الانتخابات النيابية التي ستطغى على اهتمام السياسيين، ولكن عندما يتحدث ميقاتي إلى جريدة «الجريدة» الكويتية، عن أنه شكل «فريق عمل لا حكومة بالمعنى التقليدي، له مهمات محددة تتمثل في الوصول إلى برنامج إصلاح شامل هدفه إنقاذ لبنان من أزماته»، فعلى الأقل عليه مثلاً أن يبدأ بتأمين الكهرباء، لجلسة الثقة ببيان حكومته العظيمة، بدلاً من أن يحدث اللبنانيين عن حزنه على السيادة المنتهكة والغارقة بروائح المازوت الإيراني!
وعليه كما على غيره في هذه الدولة الفاشلة، ألا يتحدث عن حزنه على السيادة المنتهكة بالمازوت وما هو أهم، ولا عن أن لبنان مريض في حالٍ سيئة وملقى ينازع أمام طوارئ المستشفى، في انتظار «الأخ الأكبر العربي»، عليه فعلاً أن يتذكر أنه والطقم السياسي الفاسد هم الذين ألقوا لبنان ينازع عند طوارئ المستشفى، وأن يتذكروا أكثر أن «الأخ الأكبر العربي»، حزين على لبنان الذي دمروه، وأن الخلاص في أيديهم هم وليس عند الأشقاء، الذين ثمة عندنا من يرجمهم بالاتهامات والمخدرات والإساءات في كل يوم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكومة عابقة برائحة المازوت الإيراني حكومة عابقة برائحة المازوت الإيراني



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:14 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
  مصر اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 15:26 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"
  مصر اليوم - رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز غلوب سوكر

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 14:07 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"يوتيوب" يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي
  مصر اليوم - يوتيوب يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة

GMT 23:05 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

يونيون برلين الألماني يسجل خسائر بأكثر من 10 ملايين يورو

GMT 02:11 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

طبيب روسي يكشف أخطر عواقب الإصابة بكورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon