توقيت القاهرة المحلي 13:50:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أيُّ ردٍّ على نسف إيران مفاوضات فيينا؟

  مصر اليوم -

أيُّ ردٍّ على نسف إيران مفاوضات فيينا

بقلم : راجح الخوري

تُستأنف يوم غد الاثنين المحادثات النووية في فيينا بعد توقف استمر منذ يونيو (حزيران) الماضي، وسط شكوك متزايدة بأنها ستواجه الفشل ولا يمكنها أن تصل إلى نتيجة، في ظل التطورات الأخيرة، التي شهدت تصعيداً إيرانياً في كل الاتجاهات، ومن الواضح أنها تأتي في سياق سياسة النظام الإيراني رفع التحدي في وجه الإدارة الأميركية وحلفائها الأوروبيين والتي تتمثّل بما يأتي:
أولاً- المضي بعيداً في عمليات التخصيب النووي ورفع منسوب يعض ما أنتجته من اليورانيوم إلى حدود 60%، ما قيل إنه سيضعها على عتبة إنتاج سلاح نووي، وكذلك المضي بعيداً في تصعيد تدخلاتها الإقليمية المخرِّبة والمزعزِعة للاستقرار في المنطقة من اليمن إلى غزة، فمن الواضح تماماً أنها تعمل على توسيع دعمها للانقلابيين الحوثيين في اليمن، كما تواصل محاولاتها لنسف نتائج الانتخابات العراقية التي شكّلت هزيمة ساحقة لميليشياتها المسلحة، ومحاولة ترسيخ تمركزها في سوريا، وطبعاً تفخيخ الحياة السياسية في لبنان عبر تعطل السلطتين التنفيذية والقضائية.
ثانياً- تفعيل تعدياتها بالمسيّرات التي استهدفت خطوط الإمدادات النفطية البحرية بما فيها سفن أميركية، ورفعها سقف الشروط التعجيزية التي تراكمها لقبول العودة إلى بنود الاتفاق النووي لعام 2015 الذي ألغاه دونالد ترمب عام 2018، وهو ما دفع المراقبين إلى القول إن طهران التي كانت تلهث وراء العودة إلى الاتفاق قلبت الأمور فصارت الإدارة الأميركية تبدو كأنها هي في موقع من يلهث للعودة إلى هذا الاتفاق.
ثالثاً- عمل النظام الإيراني على تطوير منظوماته الصاروخية الباليستية التي باتت تقلق حتى الدول الأوروبية، وتعمدت عرقلة عمل مراقبي الطاقة النووية الدولية في مراقبة نشاطاتها النووية، وجعلت مِن وقْف المفاوضات في فيينا بعد ست جولات فاشلة، مناسبة لكسب المزيد من الوقت للمضي في سياساتها المشار إليها أعلاه!
في مواجهة كل هذا التصعيد والتخريب الإيراني، كانت إدارة الرئيس جو بايدن غارقة في المشكلات بعد انسحابها الفوضوي من أفغانستان، الذي أوقعها في إحراج داخلي وعلى مستوى علاقاتها الخارجية، وخصوصاً مع حلفائها بعد كلام البيت الأبيض عن الانسحاب من الشرق الأوسط، والتركيز بشكل حاد على مواجهة الصين، وربما لهذا نشرت مجلة «فورين بوليسي» في 28 سبتمبر (أيلول) الماضي، تقريراً يحذّر من أن إيران باتت على بعد شهر من الوصول إلى سلاح نووي، واعتبر أن هذا نتيجة تخبط وتراخي إدارة بايدن ومن مظاهر تلاشي نفوذها، وهو ما قد يدفع كل منطقة الشرق الأوسط إلى سباق تسلّح نووي.
كذلك حذّر «معهد الدفاع عن الديمقراطية الأميركية» من أن إيران ترى في فقدان واشنطن الصدقية، وتراجعها عن مواجهة خصومها ورحيلها من أفغانستان، وقرار سحبها المخطط لقواتها القتالية من العراق، وفشلها في الرد على سلسلة الاستفزازات الإيرانية، بما في ذلك عدوانها على الملاحة البحرية ومحاولة اختطاف مواطن أميركي في نيويورك... مؤشرات عميقة، بخصوص أنها لم تعد تنظر إلى واشنطن على محمل الجد وأنها تمثّل تهديداً!
لذلك يقول السفير السابق دينس روس مثلاً، إن التهديد بالحرب هو الذي يحقق السلام مع إيران، وعلى إدارة بايدن أن تعيد من جديد وضع احتمالات التصعيد العسكري على الطاولة، إذا كانت تأمل في إحراز تقدم بشأن القضية النووية، وإن عدم خوف طهران من تبعات طموحاتها النووية أمر خطير قد يسفر عن سوء تقدير في الحسابات، حول إمكان إقدام الولايات المتحدة على أي رد عسكري، رغم أن بايدن تعهد علناً بأن إيران لن تحصل على السلاح النووي في عهده!
وهكذا قبل أن يعود المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، من طهران يوم الأربعاء الماضي بخفّي حنين، كما يقال، معلناً أن المفاوضات التي أجراها مع محمد إسلامي وحسين أميرعبداللهيان لم تتمخض عن أي نتيجة وكانت غير حاسمة، وأن طهران قوّضت بشكل خطير مهمة الوكالة، ولم تنفذ شيئاً من التزاماتها لجهة مراقبة منشآتها النووية، قال: «ولقد اقتربنا من نقطة لا نضمن معها استمرار معرفة ما يحدث نووياً في إيران».
لم تكن واشنطن في حاجة طبعاً إلى التعليق على كلام غروسي بمجرد القول إن عدم تعاون طهران مع الوكالة يشكّل مؤشراً سلبياً حول إرادتها حيال التوصل إلى تسوية في فيينا لإحياء الاتفاق النووي، ربما لأن المؤشرات السلبية تتراكم عبر سلوك طهران على كل الصعد النووية والإقليمية التخريبية والصاروخية، واعتبارها أن تراجع الدور الأميركي في الشرق الأوسط وأفغانستان يشعل الضوء الأخضر أمام سياساتها وطموحاتها!
هل كانت واشنطن في حاجة إلى تصريح غروسي لتعرف أن النظام الإيراني يراوغ من منطلق رهانه الواضح جداً، على تخبط وتراخي إدارة بايدن كما تقول «فورين بوليسي»، خصوصاً أنه عشية العودة إلى مفاوضات فيينا (الاثنين) لم تكن هناك أي مؤشرات متفائلة، إلى درجة أن صحيفة «نيويورك تايمز» نقلت عن أجواء البيت الأبيض يوم الثلاثاء الماضي أن «الاتفاق النووي السابق بات أشبه بالميت الذي يصعب إحياؤه»، وأن الاعتقاد السابق للرئيس بايدن بإمكان العودة إلى الاتفاق في مرحلة أولى، تمهيداً للعمل على اتفاق أطول وأقوى، قد انتهى؟
وجاء هذا وسط أمرين: أولاً، تحذير بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا من العودة إلى فيينا بموقف «تفاوضي صوري»، وهذا كلام موجه إلى الإيرانيين طبعاً. وثانياً، العودة إلى حديث ناشط عن «الخطة ب» التي تحدّث عنها أكثر من مسؤول أميركي، وبقيت موضع نقاش منتظم بين البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع، وهي تتراوح بين فرض المزيد من العقوبات وتخريب البنية التحتية النووية الإيرانية، والمعروف أن إسرائيل سبق وأبلغت واشنطن بأنها لن تتوقف عن العمل لتخريب هذه البنية.
روبرت مالي المبعوث الأميركي المكلف الملف الإيراني، كان قد أعلن عشية عودة غروسي خائباً من طهران، أن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي إذا أفشلت إيران محادثات فيينا واقتربت من صنع قنبلة نووية، لكن مجلة «تايم» الأميركية نقلت الأربعاء الماضي، عن الجنرال روبرت ماكينزي قائد القيادة المركزية الأميركية، أن قواته مستعدة لتنفيذ خيار عسكري محتمل، في حال فشل المفاوضات النووية مع إيران، فالدبلوماسيون يتولون التفاوض، لكن القيادة المركزية لديها مجموعة متنوعة من الخطط لتنفيذها عندما يصدر أمر بذلك.
وما أعلنته طهران حتى الآن، من أنها ذاهبة إلى فيينا بخمسة شروط تعجيزية، ليس من السهل على الإدارة الأميركية أن تقبل بها، لأنها ستشكل لها أشنع هزيمة سياسية ودبلوماسية وحتى مالية، فهي تطالب مثلاً بخضوع واشنطن، عبر قبولها برفع فوري للعقوبات دفعة واحدة، وقبل عودتها هي عن خروقاتها النووية لبنود هذا الاتفاق كما يطالب بايدن، كما أنها تريد ضمانات أميركية بألا تتخلى مجدداً عن الاتفاق، وهو ما لا يستطيع بايدن أن يُلزم به أي إدارة من بعده، ودون أي ضمانات تُلزم إيران في المقابل بعدم النكوص عن شروط الاتفاق، وأخيراً أن تعترف واشنطن بالتقصير في الانسحاب والتسبب في الأوضاع الحالية، ما يفتح الباب على مطالبة أميركا بالتعويض عن الخسائر التي تكبّدها النظام الإيراني منذ انسحاب ترمب من الاتفاق عام 2018... والسؤال: أيُّ ردٍّ تختاره واشنطن على نسف النظام الإيراني للمحادثات والمضيّ في سياساته النووية والتخريبية في المنطقة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيُّ ردٍّ على نسف إيران مفاوضات فيينا أيُّ ردٍّ على نسف إيران مفاوضات فيينا



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 14:07 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"يوتيوب" يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي
  مصر اليوم - يوتيوب يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة

GMT 23:05 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

يونيون برلين الألماني يسجل خسائر بأكثر من 10 ملايين يورو

GMT 02:11 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

طبيب روسي يكشف أخطر عواقب الإصابة بكورونا

GMT 09:43 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كباب بالزعفران
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon