توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دويلة الأوهام والحزب الدولة!

  مصر اليوم -

دويلة الأوهام والحزب الدولة

بقلم : راجح الخوري

آخر إبداعات نجيب ميقاتي رئيس «حكومة الإنقاذ» اللبنانية الكسيحة، أنه صعد إلى بعبدا والتقى الرئيس ميشال عون بعد عودته من قطر، ثم خرج هاشاً باشاً بحمد الله ليقول للصحافيين بالحرف «الحكومة ماشية، لكن مجلس الوزراء مش ماشي»!
طبعاً هذا كلام بلا أي معنى، ما دام هو وعون يعجزان عن دعوة مجلس الوزراء للاجتماع لأن الثنائية الشيعية تعطّله بحجة انعدام الميثاقية، على خلفية المطالبة بقبع المحقق العدلي في جريمة المرفأ طارق البيطار، الذي يعني استطراداً قبعاً للسلطة القضائية.
هكذا صارت الدولة اللبنانية في «العهد القوي» المتحالف مع «حزب الله»، مجرد سلطة وهمية يديرها مسؤولون ضربهم الوهم، إلى درجة جعلت من لبنان أشبه ببلد يتسوّل دول العالم ورؤساءها لمساعدته، على محاولة الخروج من جهنم التي بشّر بها عون اللبنانيين قبل أشهر، وهكذا تتفاقم الأوهام عند هؤلاء المسؤولين كي لا أقول الرهانات الهامشية، عندما تتوسع تحركاتهم ورهاناتهم على أن يقوم وسطاء وزعماء من دول العالم، بحل أزمة لبنان الخانقة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي الشقيقة، ولو على قاعدة الرأفة والشفقة على الشعب اللبناني، الذي يدفع من حياته ومستقبله ولقمة عيشه، نتيجة قبول هؤلاء المسؤولين بهيمنة دويلة «حزب الله» وإيران على الدولة اللبنانية، لكن قياساً بالواقع الكارثي الذي أوصلوا لبنان إليه، صار الحزب هو الدولة وباتت دولتهم هي الدويلة المسخرة، التي يخشى رئيسا الجمهورية والحكومة فيها من دعوة مجلس الوزراء إلى الاجتماع؛ فالحكومة ماشية، لكن مجلس الوزراء مقعد وقعيد لا يمشي!
الأدهى ضمناً، وإن كانوا لا يتنبهون، أن في رهاناتهم الواهمة، أولاً على تصريحاتهم الإنشائية الفارغة حول «حرصهم العميق على العلاقات الأخوية مع الدول الخليجية الشقيقية»، وثانياً على دول من العالم، لتعمل على حل الأزمة مع دول الخليج، التي تسببت بها سياساتهم وسكوتهم وتعاميهم عن هيمنة إيران، التي قالت منذ زمن إنها باتت تحكم بيروت، فلم يردوا أو يحتجوا أو يستدعوا سفيرها أو سفيرهم، وكذلك عن هيمنة «حزب الله» الذي صار يربط الدولة بسلاح تعطيل السلطات، ويقفز بفائض القوة فوق إرادتها وسيادتها.
والأدهى فعلاً من كل هذا، أنهم لا يلاحظون أن في هذا الرهان على الوساطات الخارجية، أولاً إهانة ضمنية لمعنى السيادة اللبنانية التي يتبجحون بها، وثانياً إهانة لدول الخليج الشقيقة، التي لا تطالب لبنان بأكثر من أن يكون لبنان الدولة الحرة والمستقلة وذات السيادة، وأن القصة في النهاية ليست قصة تحتاج إلى وسطاء، بل تحتاج ببساطة ووضوح، إلى أن يقرر هؤلاء المسؤولون حماية بلدهم وانتزاع دويلتهم من هيمنة دولة «حزب الله».
بعد زيارته إلى الفاتيكان وفرنسا، قال ميقاتي، إنه على ثقة من أنه «بفضل حسن نية اثنين من أصدقائي العظام، قداسة البابا والرئيس إيمانويل ماكرون سينجح لبنان في الخروج من أزمته»، فيا لهول هذا الكلام، ولكأن لبنان لقيط ليس له سوى الرهان على المناشدات أو الضغوط الدولية والفاتيكانية والفرنسية والأميركية لحل مشكلته مع دول الخليج العربي الشقيقة؛ ولهذا مثلاً كان من المهين وربما المضحك أن يقول وزير الخارجية عبد الله أبو حبيب في موسكو بالحرف:
«لا يوجد بلد واحد يستطيع أن يساعد لبنان ليخرج من مشكلته، لكن الدول مجتمعة في إمكانها مساعدته، ولدى روسيا نفوذ وأصدقاء؛ لذلك طلبنا منهم أن يساعدوا في هذه المهمة لكي تخفف الدول ضغطتها على لبنان»!
غريب أنها دبلوماسية ما لا يعقل، فلماذا لم يطلب وزير خارجية هذه الحكومة «الإنقاذية» التي شكّلها «حزب الله»، عقد اجتماع لمجلس الأمن تحت الفصل السابع، لكي تحل الأمم المتحدة مشكلته مع دول الخليج، التي يكرر عون وميقاتي أنهما حريصان على العلاقات الأخوية معها، وهما المسؤولان في دولة مسلوبة عاجزة عن عقد اجتماع لحكومتها؟
فعلاً غريب، وفعلاً لبنان مسكين، واللبنانيون مساكين، وهذه الدولة التي يتحالف رئيسها عون مع «حزب الله»، ويتغاضى عن تورطه في القتال، من سوريا مع الإيرانيين، إلى اليمن مع إيران دعماً للانقلابيين الحوثيين، الذين يهددون السعودية ويدربونهم على إطلاق الصواريخ والمسيرات ضد الأراضي السعودية، في وقت يواصل الحزب حملاته التحريضية والتخوينية ضد السعودية ودول الخليج، وقد أظهرت فيديوهات مشاركة عناصره في تدريب الحوثيين تحديداً في مطار صنعاء الذي حوّله الإيرانيون قاعدة عسكرية لمهاجمة المملكة!
لا، القصة ليست قصة وساطات وضغوط يريد لبنان من دول العالم ممارستها مع السعودية ودول الخليج لحل مشكلته الخانقة معها، بينما يكتفي رؤساؤه بتكرار الكلام الإنشائي عن حرصهم على العلاقات الأخوية معها، في وقت يعجزون عن إقالة وزير أدلى بتصريحات همايونية هامشية لأن «حزب الله» يتمسك به تمديداً للأزمة ومضياً في تدمير إرادة السلطات اللبنانية!
لا، القصة هي أن يقرر المسؤولون في بيروت، من يقرر عن لبنان دول «حزب الله» أو «الدويلة اللبنانية» وقد تبدلت الأدوار، وجوهر القصة اختصره وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان، منذ اليوم الأول، عندما قال «ليس هناك أزمة بين السعودية ولبنان الأزمة هي في لبنان».
ومن الواضح والمفهوم، أن في كل الكلام ما يختصر ضمناً كل ما سمعه المسؤولون اللبنانيون من باريس إلى واشنطن والفاتيكان والدوحة وموسكو، بمعنى إما أن يستعيد لبنان قراره وسيادته من الأسر، وإما ألا يستغرق في الأوهام، فمنذ أعوام يقول العالم للرؤساء اللبنانيين: ساعدوا أنفسكم لنساعدكم، ولكنهم باتوا أعجز من أن يساعدوا نفسهم، ويا لمرارة السخرية!
عندما كان عون في قطر قال، إن «حزب الله» ملتزم بالقرار 1701، وإنه لم يصدر عنه أي خلل منذ عام 2017، متناسياً أن القرار 1701 يتضمن نصاً الدعوة إلى تنفيذ القرار 1559 الذي يدعو إلى نزع سلاح كل الميليشيات وحصره بيد الدولة، ومتناسياً أنه يعطّل الدولة ونسف العلاقات مع الدول العربية الخليجية.
وربما لشدة هذا الحرص لم يتردد في صمت طويل ولم يرد عن سؤال حول إقالة وزير الإعلام، كما أنه عندما سئل مثلاً عن إدراج أستراليا «حزب الله» على لائحة الإرهاب، سأل مشككاً بالقرار الأسترالي «هل قامت أستراليا بهذه الخطوة بقرار ذاتي؟»، ولكأن سيدني مسلوبة القرار مثل بيروت!
أمام هذا، عندما يقول رئيس الاستخبارات الخارجية البريطاني (MI6) ريتشارد مور، يوم الخميس الماضي، إن «حزب الله» بات دولة داخل الدولة، وإن إيران زرعت عصابات مسلحة لتضعف الدولة من الداخل، وتقتل الذين يريدون حفظ القانون كما حصل مع مصطفى الكاظمي في العراق، وإن بريطانيا ترصد محاولات لسلوك مثل هذه السياسات في سوريا واليمن والخليج، هل سيتساءل عون مثلاً إن كانت بريطانيا تقول هذا بقرار ذاتي؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دويلة الأوهام والحزب الدولة دويلة الأوهام والحزب الدولة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 05:37 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

جوليا روتفيلد تكشف للفتيات دليل ارتداء ملابس الحفلات

GMT 17:06 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق مبتكرة لوضع المناكير الأحمر

GMT 20:57 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

فيليب لام يصف قضية مونديال 2006 بالكارثة الشخصية لبيكنباور
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon