توقيت القاهرة المحلي 17:00:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان أيقونة عربية أم نسخة حوثية؟

  مصر اليوم -

لبنان أيقونة عربية أم نسخة حوثية

بقلم : راجح الخوري

ماذا سيحمل وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب، اليوم (السبت)، إلى الكويت، ليسلمه إلى نظيره الدكتور ناصر المحمد الصباح، على هامش المجلس الوزاري العربي التشاوري، رداً على الرسالة الكويتية العربية الخليجية الدولية، التي حملها الصباح في 23 الشهر الحالي وسلمها إلى رؤساء الجمهورية والنواب والحكومة، والتي تضمنت إجراءات وأفكاراً مقترحة، في سبيل إعادة بناء الثقة بين لبنان ودول الخليج والدول العربية واستطراداً مع دول العالم؟
يمكنني الجزم أنه لن يحمل شيئاً مفيداً، يرد على بنودها التي تستند في جوهرها إلى اتفاق الطائف وهو دستور لبنان، وقرارات الشرعية الدولية 1559 – 1701 – 1680، وقرارات جامعة الدول العربية وقرار لبنان «النأي بالنفس»، وألا يكون منصة لأي عدوان لفظي أو فعلي باتجاه الدول العربية والخليجية.. سيحمل بوحبيب مجرد ديباجة إنشائية مملة وفارغة من أي معنى أو التزام فعلي، وهي ما دأبت الدولة اللبنانية على تكرارها في الأعوام الخمسة الأخيرة، بعدما نامت الدولة اللبنانية في كنف دولة «حزب الله»، الذي أوصل الرئيس ميشال عون إلى بعبدا، بعدما تباهى طويلاً بأنه هو من ساهم في استصدار القرار 1559!
كان كلام الوزير الكويتي غاية في الود والنبل في محاولته تذكير المسؤولين بمدى توق الدول العربية الشقيقة، إلى أن يستعيد لبنان المخطوف دوره وصورته، عندما حرص على القول «نحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، لكننا نطالب بألا يكون لبنان منصة لأي عدوان لفظي أو فعلي. نحن نريد لبنان مثلما كان لأكثر من 73 عاماً: عنصراً متألقاً، أيقونة ورمزية مميزة في العالم وفي المشرق العربي، لبنان واحة وساحة أمل للجميع، ملجأ للمثقفين والأدباء وللعلوم الإنسانية كلها، هذا هو لبنان الذي نعرفه، هو ليس منصة عدوان».
كان المطلوب أن يكون هناك من يسمع ويقدّر ويستيقظ، ويعرف أن ورقة البنود العشرة التي حملها الوزير الصباح، تشكّل آخر فرصة لمحاولة أن يبدأ لبنان باستعادة نفسه وقراره وسيادته وهويته التي تندثر، بعدما تحول عملياً منصة إيرانية للقصف اللفظي وغير اللفظي، وللاتهامات وتهريب المخدرات إلى الدول الخليجية الشقيقة، وبعدما تجاوز «حزب الله» كل الالتزامات التي ترد في قرارات الشرعية الدولية وفي قرارات الجامعة العربية، وكل الحدود التي تحفظ للبنان دوره وصورته وعلاقاته كدولة عربية مع أشقائه في دول الخليج العربي وحتى مع دول العالم.
عندما حدد الوزير الكويتي مدة خمسة أيام للرد على الورقة التي حملها، كان واضحاً تماماً أنها آخر الفرص المتاحة للبنان، لكي يخرج من قعر جهنم التي تحدث عنها الرئيس عون، ولكن ماذا كانت النتيجة منذ الزيارة في 23 الحالي إلى اليوم؟
لا شيء على الإطلاق، لم يعقد أي اجتماع بين الرؤساء لاقتناص الفرصة المتاحة لاتخاذ موقف واضح، يكفل إنقاذ لبنان وإعادة ترتيب علاقاته مع الدول الخليجية والعربية ومع المجتمع الدولي، الذي بات ينظر إليه كدولة فاشلة، وكان هذا واضحاً منذ اللحظة الأولى، عندما رد عون أن لبنان يلتزم تطبيق اتفاق الطائف وقرارات الشرعية الدولية، وبعد التحفظ الواضح الذي أبداه على البند المتعلق بالقرار 1559، معتبراً أن سلاح «حزب الله» ودوره الإقليمي، ليسا أمراً محلياً يخص لبنان وحده، بل هما مسألة إقليمية ودولية على العرب والعالم تفهم هذا الأمر!
هكذا بالحرف يريد عون أن يتفهم العرب والعالم، أن لبنان بات مجرد منصة لتنفيذ الاعتداءات اللفظية وغير اللفظية، في نطاق الصراع الذي تخوضه إيران ضد الدول الخليجية والعربية وضد الولايات المتحدة وكثير من دول العالم، وأن على العرب ودول الخليج أن يتفهموا عجز لبنان عن الخروج من قبضة هذا الحزب الذي يعلن صراحة أنه يقاتل في الصف الإيراني.
ماذا سيحمل وزير الخارجية اللبناني اليوم إلى الكويت؟
لا شيء مفيداً على الإطلاق؛ مجرد أسطر من الوعود الباطلة ومن الإنشائيات المملة والمخجلة طبعاً، ولكأن ورقة النقاط العشر التي اتفقت عليها كما يبدو، الدول العربية والخليجية والولايات المتحدة وفرنسا، والتي بدا أنها تشكّل امتداداً لمبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون، لا تشكّل فرصة أخيرة، على المسؤولين في لبنان أن يستغلوها لمحاولة انتشال بلدهم من الانهيار الكبير، وهكذا سيكون الجواب اللبناني أشبه بإعلان عن أن لبنان دولة عاجزة، أو بالأحرى أنها رهينة دولة «حزب الله» وإيران، رغم أنه سيكرر ويجترّ الأفكار التي وردت في البيان الوزاري لحكومة نجيب ميقاتي، التي شكّلها «حزب الله» ثم عطّلها كما هو معروف على خلفية السعي لوقف التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت.
ذلك أنه سيعيد حتماً مسخرة تأكيد لبنان التزام دستور الطائف، ووثيقة الوفاق الوطني واحترام الشرائع والمواثيق الدولية وقرارات الشرعية الدولية، وتأكيد الدعم المطلق للجيش والقوى الأمنية الشرعية وضبط الأمن على الحدود وفي الداخل وتعزيز سلطة الدولة وحماية المؤسسات، والحرص على علاقات لبنان مع الدول العربية والخليجية، والسهر الجاد على منع وإحباط عمليات تهريب المخدرات من لبنان إلى الدول العربية والخليجية.
«كلّفنا خاطركم» كما يقول المثل اللبناني، هذا كلام بكلام يتكرر منذ أعوام، وتبقى الدولة مخطوفة لمصلحة إيران، التي أعلنت مراراً أنها باتت تسيطر على بيروت ولم نسمع اعتراضاً من مسؤول لبناني؛ ولهذا ليس كثيراً القول، إن الجواب على ورقة الفرصة الأخيرة العربية الخليجية الدولية، التي حملها الوزير الصباح كان قد جاء فوراً من اليمن، عبر القصف الصاروخي والمسيّرات الذي استهدف دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، التي كانت قد أعلنت بالصوت والصورة أن «حزب الله» يشارك في دعم الانقلابيين اليمنيين بالتدريب ويساعدهم في عمليات القصف التي تستهدف المملكة.
كانت الحكومة اللبنانية منهمكة في دراسة موازنة الضرائب والرسوم التي ستفرض على الشعب اللبناني المعوز والفقير، ولم تخصص خلوة مثلاً للرؤساء للبحث في الورقة الإنقاذية العربية، التي لم تطلب من لبنان محاربة «حزب الله» ونزع سلاحه إنفاذاً للقرار 1559 والقرار 1701، بل من الواضح جداً أنها تريد أن تعمل الدولة اللبنانية بحزم سياسي وحسّ وطني، على فرض تفاهم جاد ومسؤول وفي النطاق السياسي ومن منطلق تحالف عون مع الحزب لوقف تحويل هذا الحزب، لبنان منصة للهجمات على الدول العربية والخليجية!
لكن الحزب لم يعلّق على محتوى الورقة التي يرفضها طبعاً، بل ذهب إلى الرد ميدانياً عليها وبواسطة «الأهالي» في بلدة رامية الجنوبية، وخصوصاً فيما يتعلّق بالقرارات الدولية 1559 - 1701، فقد تحرّك سكان هذه البلدة ضد القوات الدولية «اليونيفيل» في اعتداء هو الثالث من نوعه في خلال شهر بعد اعتداءين على دوريات في قانا وشقرا، وكالعادة أبلغ عون المنسقة الخاصة للأمم المتحدة يوانا فرونتيسكا، أن تحقيقاً فُتح في الحادث، ولكن تحقيقات أخرى سبق فتحها في حوادث سابقة ولم تنتهِ إلى نتيجة، هذا إذا كانت الدولة فتحت فعلاً مثل هذه التحقيقات!
عندما استقبل عون السلك القنصلي لمناسبة رأس السنة، قال لهم إن لبنان يأمل أن تكون مواقف بعض الدول مماثلة لمواقفه، بحيث لا تستعمل ساحته ميداناً لتصفية خلافاتها أو صراعاتها الإقليمية، ولا تدعم فئات أو مجموعات منه على حساب أخرى، كان هذا الكلام غريباً فعلاً لأن عون يعرف قبل غيره أن لبنان لم يعد ساحة ومنصة إيرانية ضد دول الخليج العربي، بل صار منصة لتصدير الدعم العسكري والإعلامي والمخدرات إلى هذا الدول.
تكراراً، ماذا سيحمل الوزير عبد الله بوحبيب، الذي سبق أن قال إنه «لا يريد هكذا إخوة عربية» بعد سحب السفراء الخليجيين، اليوم إلى الكويت، رداً على ورقة الفرصة الأخيرة العربية الخليجية الدولية، التي تقول للبنان إنه بات يقف عند مفترق طريق:
إما أن يكون عربياً وفق هويته ودستوره وتاريخه كأيقونة ورمزية مميزة في العالم وواحة وساحة أمل للجميع، كما قال الوزير الصباح، وإما أن يكون رهينة فارسية ونسخة حوثية ومنصة إيرانية للقصف على أشقائه العرب!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان أيقونة عربية أم نسخة حوثية لبنان أيقونة عربية أم نسخة حوثية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 00:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر لكل مؤسسات الدولة اللبنانية

GMT 13:42 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أغنى قطة في العالم تمتلك ثروة تفوق ضعف ثروة توم هولاند

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 16:54 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بنزيما يرشح كاسيميرو وعوار وفقير للانضمام لـ اتحاد جدة

GMT 23:51 2019 الأربعاء ,22 أيار / مايو

شركة آسوس تطلق هاتفها الذكي Zenfone 6 الجديد

GMT 12:48 2019 الإثنين ,20 أيار / مايو

نقل سولاف فواخرجي للمستشفى بعد حادث أليم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon